تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

{ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم . { وَإِنَّهُمَا } أي : ديار قوم لوط وأصحاب الأيكة { لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ } أي : لبطريق واضح يمر بهم المسافرون كل وقت ، فيبين من آثارهم ما هو مشاهد بالأبصار فيعتبر بذلك أولوا الألباب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبًا من قصة أصحاب الأيكة لزيادة العظات والعبر ، فقال - تعالى - : { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيكة لَظَالِمِينَ فانتقمنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } و { إن } هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف .

وأصحاب الأيكة ، هم قوم شعيب - عليه السلام - ، والأيك الشجر الكثير الملتف واحدته أيكة - كتمر وتمره - .

والمراد بها البقعة الكثيرة الأشجار التي كانت فيها مساكنهم ، قرب مدين قرية شعيب - عليه السلام - .

وجمهور العلماء على أن أهل مدين وأصحاب الأيكة قبيلة واحدة ، وأرسل الله - تعالى - إليهم جميعًا شعيبًا - عليه السلام - لأمرهم بإخلاص العبادة لله - تعالى - ، ونهيهم عن تطفيف الكيل والميزان ، وعن قطع الطريق . . .

وكانوا جميعًا يسكنون في المنطقة التي تسمى بمعّان ، على حدود الحجاز والشام ، أو أن بعضهم كان يسكن الحاضرة وهم أهل مدين ، والبعض الآخر كان يسكن في البوادى المجاورة لها والمليئة بالأشجار .

وقيل : إن شعيبًا - عليه السلام - أرسل إلى أمتين : أهل مدين ، وأصحاب الأيكة ، وهذه خصوصية له - عليه السلام - .

وعلى أية حال فالعلماء متفقون على أن أصحاب الأيكة هم قوم شعيب - عليه السلام - .

والإِمام : الطريق الواضح المعالم . وسمى الطريق إماما لأن المسافر يأتم به ، ويهتدى بمسالكه ، حتى يصل إلى الموضع الذي يريده .

والمعنى : وإن الشأن والحال أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين متجاوزين لكل حد ، فاقتضت عدالتنا أن ننتقم منهم ، بسبب كفرهم وفجورهم .

{ وإنهما } أى مساكن قوم لوط ، ومساكن قوم شعيب { لبإمام مبين } أى : لبطريق واضح يأتم به أهل مكة في سفرهم من بلادهم إلى بلاد الشام .

قال ابن كثير : وقد كانوا - أى أصحاب الأيكة - قريبًا من قوم لوط ، بعدهم في الزمان ، ومسامتين لهم في المكان ، ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في إنذاره لهم { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

أصحاب الأيكة : هم قوم شعيب .

قال الضحاك ، وقتادة ، وغيرهما : الأيكة : الشجر الملتف .

وكان ظلمهم بشركهم بالله وقطعهم الطريق ، ونقصهم المكيال والميزان . فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة ، وقد كانوا قريبًا من قوم لوط ، بَعْدَهم في الزمان ، ومسامتين لهم في المكان ؛ ولهذا قال تعالى : { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ } أي : طريق مبين .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : طريق ظاهر ؛ ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نذارته إياهم : { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

وقوله : فانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ يقول : تعالى ذكره : فانتقمنا من ظلمة أصحاب الأيكة . وقوله : وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ يقول : وإن مدينة أصحاب الأيكة ومدينة قوم لوط . والهاء والميم في قوله : وإنّهما من ذكر المدينتين . لَبِإمامٍ يقول : لبطريق يأتمون به في سفرهم ويهتدون به . مُبِينٍ يقول : يبين لمن ائتمّ به استقامته . وإنما جعل الطريق إماما لأنه يوءَم ويُتّبع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ يقول : على الطريق .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ يقول : طريق ظاهر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى . قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ قال : بطريق معلم .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وإنّهُما لَبِإمامٍ مُبِينٍ قال : طريق واضح .

حُدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَبِإمامٍ مُبِينٍ بطريق مستبين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

{ فانتقمنا منهم } بالإهلاك . { وإنهما } يعني سدوم والأيكة . وقيل الأيكة ومدين فإنه كان مبعوثا إليهما فكان ذكر إحداهما منبها على الأخرى . { لبإمام مبين } لبطريق واضح ، والإمام اسم ما يؤتم به فسمي به الطريق ومطمر البناء واللوح لأنهما مما يؤتم به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

والضمير في قوله { وإنهما } يحتمل أن يعود على المدينتين اللتين تقدم ذكرهما : مدينة قوم لوط ، ومدينة أصحاب الأيكة ، ويحتمل أن يعود للنبيين : على لوط وشعيب ، أي أنهما على طريق من الله وشرع مبين . و «الإمام » في كلام العرب الشيء الذي يهتدي به ويؤتم ، يقولونه لخيط البناء ، وقد يكون الطريق ، وقد يكون الكتاب المفيد ، وقد يكون القياس الذي يعمل عليه الصناع ، وقد يكون الرجل المقتدى به ، ونحو هذا ، ومن رأى عود الضمير في { إنهما } على المدينتين قال «الإمام » الطريق ، وقيل على ذلك «الإمام » الكتاب الذي سبق فيه إهلاكهما .