اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

{ فانتقمنا مِنْهُمْ } بالعذاب .

روي أنَّ الله –تعالى- سلَّط عليهم الحر سبعة أيَّام ، فبعث الله –سبحانه- سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الرَّوْحَ ؛ فبعث الله عليهم منها ناراً ، فأحرقتهم ، فهو عذابُ يوم الظُّلة .

قوله تعالى : { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } في ضمير التثنية أقوال :

أرجحها : عوده على [ قريتي ]{[19618]} قوم لوطٍ ، وأصحاب الأيكةِ ، وهم : قوم شعيبٍ ؛ لتقدُّمها ذكراً .

وقيل : يعود على لوطٍ وشعيبٍ ، [ وشعيبٌ ] لم يجر له ذكر ، ولكن دلَّ عليه ذكر قومه .

وقيل : يعود على الخبرين : خبر هلاك قوم لوطٍ ، وخبر إهلاك قوم شعيبٍ .

وقيل : يعود على أصحاب الأيكةِ ، وأصحاب مدين ؛ لأنه مرسلٌ إليهما ، فذكر أحدهما يشعر بالأخرى .

وقوله -جل ذكره- { لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } أي : بطريق واضح ، والإمام [ اسم لما ]{[19619]} يؤتمُّ به .

قال الفراء ، والزجاج : " إنَّما جعل الطَّريقُ إماماً ؛ لأنه يؤمُّ ، ويتبع " .

قال ابن قتيبة : لأنََّ المسافر يأتمُّ به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده .

وقوله : " مُبينٍ " يحتمل أنه مبين في نفسه ، ويحتمل أنه مبين لغيره ، لأن الطريق تهدي إلى المقصد .


[19618]:في ب: قرى.
[19619]:في ب: الذي.