تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

{ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ } يذكرهم ما ينفعهم ويحثهم عليه وما يضرهم ، ويرهبهم منه { إِلَّا اسْتَمَعُوهُ } سماعا ، تقوم عليهم به الحجة ، { وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً* قُلُوبُهُمْ } أي : قلوبهم غافلة معرضة لاهية بمطالبها الدنيوية ، وأبدانهم لاعبة ، قد اشتغلوا بتناول الشهوات والعمل بالباطل ، والأقوال الردية ، مع أن الذي ينبغي لهم أن يكونوا بغير هذه الصفة ، تقبل قلوبهم على أمر الله ونهيه ، وتستمعه استماعا ، تفقه المراد منه ، وتسعى جوارحهم ، في عبادة ربهم ، التي خلقوا لأجلها ، ويجعلون القيامة والحساب والجزاء منهم على بال ، فبذلك يتم لهم أمرهم ، وتستقيم أحوالهم ، وتزكوا أعمالهم ، وفي معنى قوله : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } قولان : أحدهما أن هذه الأمة هي آخر الأمم ، ورسولها آخر الرسل ، وعلى أمته تقوم الساعة ، فقد قرب الحساب منها بالنسبة لما قبلها من الأمم ، لقوله صلى الله عليه وسلم " بعثت أنا والساعة كهاتين " وقرن بين إصبعيه ، السبابة والتي تليها .

والقول الثاني : أن المراد بقرب الحساب الموت ، وأن من مات ، قامت قيامته ، ودخل في دار الجزاء على الأعمال ، وأن هذا تعجب من كل غافل معرض ، لا يدري متى يفجأه الموت ، صباحا أو مساء ، فهذه حالة الناس كلهم ، إلا من أدركته العناية الربانية ، فاستعد للموت وما بعده .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

وقوله - سبحانه - : { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ استمعوه وَهُمْ يَلْعَبُونَ بيان لمواقف هؤلاء الغافلين اللاهين ممن يذكرهم بأهوال ذلك اليوم .

والمراد بالذكر : ما ينزل من آيات القرآن على النبى - صلى الله عليه وسلم - .

والمراد بالمحدث : الحديث العهد بالنزول على النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو صفة لذكر .

أى : أن هؤلاء الغافلين المعرضين عن الاستعداد ليوم الحساب ، لا يصل إلى أسماعهم شىء من القرآن الكريم ، الذى أنزله الله - تعالى - على قلب نبيه - صلى الله عليه وسلم - آية فآية ، أو سورة بعد سورة فى أوقات متقاربة ، إلا استمعوا إلى هذا القرآن المحدث تنزيله على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهم يلعبون ، دون أن يحرك منهم عاطفة نحو الإيمان به ، فهم لانطماس بصيرتهم ، وقسوة قلوبهم ، وجحود نفوسهم للحق ، لا يتعظون ولا يعتبرون .

وقوله : { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ . . . } يشعر بأن ما نزل من قرآن قد وصل إليهم دون أن يتعبوا أنفسهم فى الحصول عليه ، بل أتاهم وهم فى أماكنهم بدون سعى إليه .

وقوله { ذِكْرٍ } فاعل و { مِّن } مزيدة للتأكيد .

وقوله { مِّن رَّبِّهِمْ } متعلق بمحذوف صفة لذكر ، و { مِّن } لابتداء الغاية أى : ما يأتيهم من ذكر كائن من ربهم وخالقهم ورازقهم ، فى حال من الأحوال ، إلا استمعوه وهم هازلون مستهترون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ} (2)

ثم أخبر تعالى أنهم لا يصغون إلى الوحي الذي أنزل الله على رسوله والخطاب مع قريش ومن شابههم من الكفار ، فقال { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } أي جديد إنزاله { إلا استمعوه وهم يلعبون } كما قال ابن عباس : ما لكم تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه ، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرؤونه محضاً لم يشب ، رواه البخاري بنحوه .