تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ } أو قال له قولا به يعظه بالأمر ، والنهي ، المقرون بالترغيب

والترهيب ، فأمره بالإخلاص ، ونهاه عن الشرك ، وبيَّن له السبب في ذلك فقال : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ووجه كونه عظيما ، أنه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب ، بمالك الرقاب ، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا ، بمن له الأمر كله ، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه ، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه ، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة [ من النعم ]{[666]}  بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ، ودنياهم وأخراهم ، وقلوبهم ، وأبدانهم ، إلا منه ، ولا يصرف السوء إلا هو ، فهل أعظم من هذا الظلم شيء ؟ ؟ !

وهل أعظم ظلما ممن خلقه اللّه لعبادته وتوحيده ، فذهب بنفسه الشريفة ، [ فجعلها في أخس المراتب ]{[667]}  جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا ، فظلم نفسه ظلما كبيرا .


[666]:- زيادة من ب.
[667]:- زيادة من ب. - زيادة من ب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

ثم حكى - سبحانه - ما قاله لقمان لابنه على سبيل النصيحة والإِرشاد فقال - تعالى - { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يابني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } .

وقوله { يَعِظُهُ } من الوعظ ، وهو الزجر المقترن بالتخويف . وقيل : هو التذكير بوجوه الخير بأسلوب يرق له القلب .

قالوا : واسم ابنه " ثاران " أو " مانان " أى : واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتنتفع ، وقت أن قال لقمان لابنه وهو يعظه ، ويرشده إلى وجوه الخير بألطف عبارة ، يا نبى { لاَ تُشْرِكْ بالله } - تعالى - لا فى عبادتك ولا فى قولك ، ولا فى عملك ، بل أخلص كل ذلك لخالقكم - عز وجل - .

وفى ندائه بلفظ { يابني } إشفاق عليه . ومحبة له ، فالمراد بالتصغير إظهار الحنو عليه ، والحرص على منفعته .

قيل : وكان ابنه كافرا فما زال يعظه حتى أسلم . وقيل : بل كان مسلما ، والنهى عن الشرك المقصود به ، المدوامة على ما هو عليه من إيمان وطاعة لله رب العالمين .

وجملة { إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } تعليل للنهى . أى : يا بنى حذار أن تشرك بالله فى قولك أو فعلك ، إن الشرك بالله - تعالى - لظلم عظيم ، لأنه وضع للأمور فى غير موضعها الصحيح ، وتسوية فى العبادة بين الخالق والمخلوق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

ثم تجيء قضية التوحيد في صورة موعظة من لقمان الحكيم لابنه :

( وإذ قال لقمان لابنه - وهو يعظه - : يا بني لا تشرك بالله . إن الشرك لظلم عظيم ) . .

وإنها لعظة غير متهمة ؛ فما يريد الوالد لولده إلا الخير ؛ وما يكون الوالد لولده إلا ناصحا . وهذا لقمان الحكيم ينهى ابنه عن الشرك ؛ ويعلل هذا النهي بأن الشرك ظلم عظيم . ويؤكد هذه الحقيقة مرتين . مرة بتقديم النهي وفصل علته . و مرة بإن واللام . . وهذه هي الحقيقة التي يعرضها محمد [ صلى الله عليه وسلم ] على قومه ، فيجادلونه فيها ؛ ويشكون في غرضه من وراء عرضها ؛ ويخشون أن يكون وراءها انتزاع السلطان منهم والتفضل عليهم ! فما القول ولقمان الحكيم يعرضها على ابنه ويأمره بها ? والنصيحة من الوالد لولده مبرأة من كل شبهة ، بعيدة من كل ظنة ? ألا إنها الحقيقة القديمة التي تجري على لسان كل من آتاه الله الحكمة من الناس ؛ يراد بها الخير المحض ، ولا يراد بها سواه . . وهذا هو المؤثر النفسي المقصود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

يقول تعالى مخبرًا عن وصية لقمان لولده - وهو : لقمان بن عنقاء بن سدون . واسم ابنه : ثاران في قول حكاه السهيلي . وقد ذكره [ الله ]{[22948]} تعالى بأحسن الذكر ، فإنه آتاه الحكمة ، وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه ، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف ؛ ولهذا أوصاه أولا بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا ، ثم قال محذرًا له : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } أي : هو أعظم الظلم .

قال البخاري حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة{[22949]} ، عن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } [ الأنعام : 82 ] ، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أينا لم يَلْبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس بذاك ، ألا{[22950]} تسمع إلى قول لقمان : { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } .

ورواه مسلم من حديث الأعمش ، به{[22951]} .


[22948]:- زيادة من ت.
[22949]:- في ت: "روى البخاري بسنده".
[22950]:- في أ: "ألم".
[22951]:- صحيح البخاري برقم (4776) وصحيح مسلم برقم (124).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ وإذ قال لقمان لابنه } أنعم أو أشكم أو ماثان . { وهو يعظه يا بني } تصغير إشفاق ، وقرأ ابن كثير هنا وفي { يا بني أقم الصلاة } بإسكان الياء ، وحفص فيهما وفي { يا بني إنها إن تك } بفتح الياء ومثله البزي في الأخير وقرأ الباقون في الثلاثة بكسر الياء . { لا تشرك بالله } قيل كان كافرا فلم يزل به حتى أسلم ، ومن وقف على { لا تشرك } جعل بالله قسما . { إن الشرك لظلم عظيم } لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا منه ومن لا نعمة منه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

وقوله { وإذ قال } يحتمل أن يكون التقدير واذكر إذ قال ، ويحتمل أن يكون التقدير «وآتيناه الحكمة إذ قال » واختصر ذلك لدلالة المتقدم عليه واسم ابنه ثاران{[9357]} ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم «يا بنيِّ » بالشد والكسر في الياء في الثلاثة على إدغام إحدى الياءين في الأخرى ، وقرأ حفص والمفضل عن عاصم «يا بنيَّ » بالشد والفتح في الثلاثة على قولك يا بنيا ويا غلاما ، وقرأ ابن أبي برة عن ابن كثير «يا بنيْ » بسكون الياء ، و { يا بني إنها } [ لقمان : 16 ] بالكسر ، و { يا بنيَّ أقم الصلاة } [ لقمان : 17 ] بفتح الياء ، وروى عنه قنبل بالسكون في الأولى والثالثة وبكسر الوسطى وظاهر قوله { إن الشرك لظلم عظيم } أنه من كلام لقمان ، ويحتمل أن يكون خبراً من الله تعالى منقطعاً من كلام لقمان متصلاً به في تأكيد المعنى ، ويؤيد هذا الحديث المأثور أنه لما نزلت { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } [ الأنعام : 82 ] أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يظلم ، فأنزل الله تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } فسكن إشفاقهم{[9358]} .

قال الفقيه الإمام القاضي : وإنما يسكن إشفاقهم بأن يكون ذلك خبراً من الله تعالى ، وقد يسكن الإشفاق بأن يذكر الله ذلك عن عبد قد وصفه بالحكمة والسداد .


[9357]:في القرطبي: (ثاران) بالثاء، وفي بعض الأصول (تابان) بالتاء.
[9358]:قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} من الآية 82 من سورة الأنعام، والحديث ذكره القرطبي، وقال عنه: "وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه"، وذكر الإمام السيوطي في (الدر المنثور 3-26، 27) أنه أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والدارقطني في الإفراد، وأبو الشيخ، وابن مردويه – عن عبد الله بن مسعود، ولفظه كما في الدر: (قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إن الشرك لظلم عظيم}، إنما هو الشرك). ومن هذا النص يتضح أن قوله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} من كلام لقمان، وهو ما رجحه ابن عطية والمفسرون. (وقد سبق الكلام على ذلك في الجزء الخامس صفحة 266).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

عطف على جملة { ءاتينا لقمان الحكمة } [ لقمان : 12 ] لأن الواو نائبة مناب الفعل فمضمون هذه الجملة يفسر بعض الحكمة التي أوتيها لقمان . والتقدير : وآتيناه الحكمة إذْ قال لابنه فهو في وقت قوله ذلك لابنه قد أوتي حكمة فكان ذلك القول من الحكمة لا محالة ، وكل حالة تصدر عنه فيها حكمة هو فيها قد أوتي حكمة .

و { إذ } ظرف متعلق بالفعل المقدّر الذي دلت عليه واو العطف ، أي والتقدير : وآتيناه الحكمة إذ قال لابنه . وهذا انتقال من وصفه بحكمة الاهتداء إلى وصفه بحكمة الهدى والإرشاد . ويجوز أن يكون { إذْ قَالَ } ظرفاً متعلقاً بفعل ( اذكر ) محذوفاً .

وفائدة ذكر الحال بقوله { وهو يعظه } الإشارة إلى أن قوله هذا كان لتلبس ابنه بالإشراك ، وقد قال جمهور المفسرين : إن ابن لقمان كان مُشركاً فلم يزل لقمان يعظه حتى آمن بالله وحده ، فإن الوعظ زجرٌ مقترن بتخويف قال تعالى { فأعْرِضْ عنهم وعِظهم وقُل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً } [ النساء : 63 ] ويعرف المزجور عنه بمتعلق فعل الموعظة فتعين أن الزجر هنا عن الإشراك بالله . ولعل ابن لقمان كان يدين بدين قومه من السودان فلما فتح الله على لقمان بالحكمة والتوحيد أبَى ابنه متابعته فأخذ يعظه حتى دان بالتوحيد ، وليس استيطان لقمان بمدينة داود مقتضياً أن تكون عائلته تدين بدين اليهودية .

وأصل النهي عن الشيء أن يكون حين التلبس بالشيء المنهي عنه أو عند مقاربة التلبس به ، والأصل أن لا ينهى عن شيء منتف عن المنهي . وقد ذكر المفسرون اختلافاً في اسم ابن لقمان فلا داعي إليه . وقد جمع لقمان في هذه الموعظة أصول الشريعة وهي : الاعتقادات ، والأعمال ، وأدب المعاملة ، وأدب النفس .

وافتتاح الموعظة بنداء المخاطب الموعوظ مع أن توجيه الخطاب مغن عن ندائه لحضوره بالخطاب ، فالنداء مستعمل مجازاً في طلب حضور الذهن لوعي الكلام وذلك من الاهتمام بالغرض المسوق له الكلام كما تقدم عند قوله تعالى { يا أبَتِ إني رأيتُ أحَدَ عَشَر كوكباً } [ يوسف : 4 ] وقوله { يا بُني لا تقصص رؤياك } في سورة يوسف ( 5 ) وقوله { إذْ قال الحواريون يا عيسى ابنَ مريم هل يستطيع ربك أن يُنَزّل علينا مائدة من السماء } في سورة العقود ( 112 ) وقوله تعالى { إذ قال لأبيه يا أبت لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسمع ولا يبْصر } في سورة مريم ( 42 ) .

و { بُنَيّ } تصغير ( ابن ) مضافاً إلى ياء المتكلم فلذلك كسرت الياء . وقرأه الجمهور بكسر ياء { بُنَيِّ } مشدّدة . وأصله : يا بُنَيْيي بثلاث ياءات إذ أصله الأصيل يا بُنَيْوِي لأن كلمة ابن واوية اللام الملتزمة حذفها فلما صُغر ردّ إلى أصله ، ثم لما التقت ياء التصغير ساكنة قبل واو الكلمة المتحركة بحركة الإعراب قلبت الواو ياء لتقاربهما وأدغمتا ، ولما نودي وهو مضاف إلى ياء المتكلم حذفت ياء المتكلم لجواز حذفها في النداء وكراهية تكرر الأمثال ، وأشير إلى الياء المحذوفة بإلزامِه الكسرَ في أحوال الإعراب الثلاثة لأن الكسرة دليل على ياء المتكلم .

وتقدم في سورة يوسف . والتصغير فيه لتنزيل المخاطب الكبير منزلة الصغير كناية عن الشفقة به والتحبب له ، وهو في مقام الموعظة والنصيحة إيماء وكناية عن إمحاض النصح وحب الخير ، ففيه حث على الامتثال للموعظة .

ابتدأ لقمان موعظة ابنه بطلب إقلاعه عن الشرك بالله لأن النفس المعرضة للتزكية والكمال يجب أن يقدم لها قبل ذلك تخليتُها عن مبادىء الفساد والضلال ، فإن إصلاح الاعتقاد أصل لإصلاح العمل . وكان أصل فساد الاعتقاد أحد أمرين هما الدُهرية والإشراك ، فكان قوله { لا تشرك بالله } يفيد إثبات وجود إله وإبطال أن يكون له شريك في إلهيته . وقرأ حفص عن عاصم في المواضع الثلاثة في هذه السورة { يا بنيَّ } بفتح الياء مشددة على تقدير : يا بنَيَّا بالألف وهي اللغة الخامسة في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم ثم حذفت الألف واكتفي بالفتحة عنها ، وهذا سماع .

وجملة { إن الشرك لظلم عظيم } تعليل للنهي عنه وتهويل لأمره ، فإنه ظلم لحقوق الخالق ، وظلم المرء لنفسه إذ يضع نفسه في حضيض العبودية لأخس الجمادات ، وظلم لأهل الإيمان الحق إذ يبعث على اضطهادهم وأذاهم ، وظلم لحقائق الأشياء بقلبها وإفساد تعلقها . وهذا من جملة كلام لقمان كما هو ظاهر السياق ، ودل عليه الحديث في « صحيح مسلم » عن عبد الله بن مسعود قال : " لما نزلت { الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } [ الأنعام : 82 ] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه { يا بنيِّ لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } " . وجوَّز ابن عطية أن تكون جملة { إن الشرك لظلم عظيم } من كلام الله تعالى ، أي : معترضة بين كَلِم لقمان . فقد روي عن ابن مسعود أنهم لما قالوا ذلك أنزل الله تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } ، وانظر من روى هذا ومقدار صحته .