تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

{ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } أي : أيّ شيء يكذبك أيها الإنسان بيوم الجزاء على الأعمال ، وقد رأيت من آيات الله الكثيرة ما به يحصل لك اليقين ، ومن نعمه ما يوجب عليك أن لا تكفر بشيء مما أخبرك به ؟

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

و " ما " فى قوله - سبحانه - : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين } اسم استفهام مبتدأ ، وخبره جملة " يكذبك " . والخطاب للإِنسان الذين خلقه الله - تعالى - فى أحسن تقويم ، ففى الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب . والاستفهام للإِنكار والتعجيب من هذا الإِنسان .

والمعنى : فأي شيء يحملك - أيها الإِنسان - على التكذيب بالدين وبالبعث وبالجزاء ، بعد أن خلقناك فى أحسن تقويم ، وبعد أن أقمنا لك الأدلة على أن دين الإِسلام هو الدين الحق ، وعلى أن رسولنا صادق فيما يبلغك عن ربه - عز وجل - ؟

فالمقصود بقوله - تعالى - : { يُكَذِّبُكَ } : يجعلك مكذباً ، أي : لا عذر لك فى التكذيب بالحق ، وقيل : الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم ، وتكون " ما " بمعنى " مَنْ " ويكون الاستفهام بها عن ذوات المخاطبين ، أي : فمن ذا الذى يكذبك - أيها الرسول الكريم - ويكذب بيوم الدين والجزاء ، بعد أن ظهرت الدلائل على صدقك . . ؟

إن كل عاقل يجب عليه أن يصدقك ولا يكذبك ، ولا يعرض عنك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

وفي ظل هذه الحقيقة ينادى " الإنسان " :

( فما يكذبك بعد بالدين ? أليس الله بأحكم الحاكمين ? ) . .

فما يكذبك بالدين بعد هذه الحقيقة ? وبعد إدراك قيمة الإيمان في حياة البشرية ? وبعد تبين مصير الذين لا يؤمنون ، ولا يهتدون بهذا النور ، ولا يمسكون بحبل الله المتين ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

ثم قال : { فَمَا يُكَذِّبُكَ } يعني : يا ابن آدم { بَعْدُ بِالدِّينِ } ؟ أي : بالجزاء في المعاد وقد علمت البدأة ، وعرفت أن من قدر على البدأة ، فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى ، فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا ؟

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن منصور قال : قلت لمجاهد : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } عنى به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مَعَاذ الله ! عنى به الإنسان . وهكذا قال عكرمة وغيره .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ * أَلَيْسَ اللّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ ) فقال بعضهم معناه : فمن يكذّبك يا محمد بعد هذه الحجج التي احتججنا بها ، بالدين ، يعني : بطاعة الله ، وما بعثك به من الحقّ ، وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا : «ما » في معنى «مَنْ » ، لأنه عُني به ابن آدم ، ومن بعث إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : فما يكذّبك أيها الإنسان بعد هذه الحجج بالدين . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، قال : قلت لمجاهد : ( فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ ) عُني به النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مَعاذ الله ، عُني به الإنسان .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عمن سمع مجاهدا يقول : فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ قلت : يعني به النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مَعاذ الله ، إنما يعني به الإنسان .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( فَمَا يُكذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ ) أَعُنِي به النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : معاذ الله ، إنما عُني به الإنسان .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبيّ ( فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ ) إنما يعني الإنسان ، يقول : خلقتك في أحسن تقويم ، فما يكذّبك أيها الإنسان بعد بالدين ؟

وقال آخرون : إنما عُنِي بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل له : استيقن مع ما جاءك من الله من البيان ، أن الله أحكم الحاكمين . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ ) أي استيقِن بعد ما جاءك من الله البيانُ ، ألَيْسَ اللّهَ بِأحْكَمِ الْحاكِمِينَ ؟ .

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : معنى «ما » معنى «مَنْ » . ووجه تأويل الكلام إلى : فمن يكذّبك يا محمد بعد الذي جاءك من هذا البيان من الله بالدين ؟ يعني : بطاعة الله ، ومجازاته العباد على أعمالهم . وقد تأوّل ذلك بعض أهل العربية بمعنى : فما الذي يكذّبك بأن الناس يدانون بأعمالهم ؟ وكأنه قال : فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب ، بعد ما تبين له خلقنا الإنسان على ما وصفنا .

واختلفوا في معنى قوله : بالدّين فقال بعضهم : بالحساب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عبد الرحمن بن الأسود الطّفَاوي ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة ، عن النضر بن عربيّ ، عن عكرِمة ، في قوله : فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ قال : الحساب .

وقال آخرون : معناه : بحكم الله . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِالدّينِ ) يقول : ما يكذّبك بحكم الله .

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : الدين في هذا الموضع : الجزاء والحساب ، وذلك أن أحد معاني الدين في كلام العرب : الجزاء والحساب ، ومنه قولهم : كما تدين تُدان . ولا أعرف من معاني الدين «الحكم » في كلامهم ، إلا أن يكون مرادا بذلك : فما يكذّبك بعد بأمر الله الذي حكم به عليك أن تطيعه فيه ؟ فيكون ذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

( فما يكذبك ) أي فأي شيء يكذبك يا محمد دلالة أو نطقا ( بعد بالدين ) بالجزاء بعد ظهور هذه الدلائل . وقيل : ما بمعنى من . وقيل : الخطاب للإنسان على الالتفات ، والمعنى فما الذي يحملك على هذا الكذب ؟