فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

{ فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بالدين } الخطاب للإنسان الكافر ، والاستفهام للتقريع والتوبيخ وإلزام الحجة : أي إذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم ، وأنه يردّك أسفل سافلين ، فما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء ؟ وقيل : الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم : أي أيّ شيء يكذبك يا محمد بعد ظهور هذه الدلائل الناطقة ، فاستيقن مع ما جاءك من الله أنه أحكم الحاكمين . قال الفراء والأخفش : المعنى فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذا البيان بالدين ، كأنه قال : من يقدر على ذلك ؟ أي على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما ظهر من قدرتنا على خلق الإنسان ما ظهر ، واختار هذا ابن جرير . والدين الجزاء ، ومنه قول الشاعر :

دِنَّا تميماً كما كانت أوائلنا *** دانت أوائلهم من سالف الزمن

وقال الآخر :

ولما صرّح الشرّ *** فأمسى وهو عريان

ولم يبق سوى العدوا *** ن دنَّاهم كما دانوا

/خ8