اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ} (7)

قوله تعالى : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين } . «مَا » استفهامية في محل رفع بالابتداء ، والخبر الفعل بعدها ، والمخاطب : الإنسان على طريق الالتفات ، توبيخاً ، وإلزاماً للحُجَّة ، والمعنى : فما يجعلك كاذباً بسبب الدين ، وإنكاره ، وقد خلقك في أحسن تقويمٍ ، وأنه يردك إلى أرذلِ العمر ، وينقلك من حال إلى حال ، فما الذي يحملك بعد هذا الدليل إلى أن تكون كاذباً بسبب الجزاءِ [ لأن كل مكذب بالحق ، فهو كاذب ، فأي شيء يضطرك إلى أن تكون كاذباً ، يعني : أنك تكذب إذا كذبت بالجزاء ؛ لأن كل مكذّب كاذب بسبب الجزاء ] ، والباء مثلها في قوله : { على الذين يَتَوَلَّوْنَهُ والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 100 ] .

وقيل : المخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا يكون المعنى : فما الذي يكذبك فيما تخبر به من الجزاء والبعث وهو الدين ، بعد هذه العبر التي يوجب النظر فيها صحة ما قلت ؟ قاله الفرَّاء والأخفش .