تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ} (4)

والمقسم عليه قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } أي : تام الخلق ، متناسب الأعضاء ، منتصب القامة ، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا أو باطنًا شيئًا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ} (4)

وجملة : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . . . } وما عطف عليه جواب القسم

أى : وحق التين الذى هو أحسن الثمار ، صورة وطعما وفائدة ، وحق الزيتون الذى يكفى الناس حوائج طعامهم وإضاءتهم ، وحق هذا البلد الأمين ، وهو مكة المكرمة ، وحق طور سنين الذى كلم الله - تعالى - عليه نبيه موسى تكليما . . وحق هذه الأشياء . . لقد خلقلنا الإِنسان فى أعدل قامة ، وأجمل صورة ، وأحسن هيئة ، ومنحناه بعد ذلك ما لم نمنحه لغيره ، من بيان فصيح ، ومن عقل راجح ، ومن علم واسع ، ومن إرادة وقدرة على تحقيق ما يبتغيه فى هذه الحياة ، بإذننا ومشيئتنا .

والتقويم فى الأصل : تصيير الشيء على الصورة التى ينبغى أن يكون عليها فى التعديل والتركيب . تقول : قومت الشيء تقويماً ، إذا جعلته على أحسن الوجوه التى ينبغى أن يكون عليها . . وهذا الحسن يشمل الظاهر والباطن للإِنسان .

والمراد بالإِنسان هنا : جنسه . أى : لقد خلقنا - بقدرتنا وحكمتنا - جنس الإِنسان فى أكمل صورة ، وأحكم عقل . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ} (4)

فأما الحقيقة الداخلية في السورة فهي هذه : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . ثم رددناه أسفل سافلين . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) . .

ومنها تبدو عناية الله بخلق هذا الإنسان ابتداء في أحسن تقويم . والله - سبحانه - أحسن كل شيء خلقه . فتخصيص الإنسان هنا وفي مواضع قرآنية أخرى بحسن التركيب ، وحسن التقويم ، وحسن التعديل . . فيه فضل عناية بهذا المخلوق .

وإن عناية الله بأمر هذا المخلوق - على ما به من ضعف وعلى ما يقع منه من انحراف عن الفطرة وفساد - لتشير إلى أن له شأنا عند الله ، ووزنا في نظام هذا الوجود . وتتجلى هذه العناية في خلقه وتركيبه على هذا النحو الفائق ، سواء في تكوينه الجثماني البالغ الدقة والتعقيد ، أم في تكوينه العقلي الفريد ، أم في تكوينه الروحي العجيب .