وقوله تعالى : { لقد خلقنا } ، أي : قدّرنا وأوجدنا بما لنا من العظمة والقدرة التامّة { الإنسان } جواب القسم والمراد بالإنسان : الجنس الذي جمع فيه الشهوة والعقل ، وفيه من الإنس بنفسه ما ينسيه أكثر مهمه الشامل لآدم عليه السلام وذريته . وقيل : نزلت في منكري البعث . وقيل : في الوليد بن المغيرة وقيل : كلدة بن أسيد . وقوله تعالى : { في أحسن تقويم } صفة لمحذوف ، أي : في تقويم أحسن تقويم . وقال أبو البقاء : في أحسن تقويم في موضع الحال من الإنسان ، وأراد بالتقويم القوام ؛ لأن التقويم فعل وذاك وصف للخالق لا للمخلوق ، ويجوز أن يكون التقدير في أحسن قوام التقويم فحذف المضاف ، ويجوز أن تكون في زائدة ، أي : قومناه أحسن تقويم اه .
وأحسن تقويم أعدله ؛ لأنه تعالى خلق كل شيء منكباً على وجهه وخلق الإنسان مستوياً ، وله لسان ذلق ويد وأصابع يقبض بها . قال ابن العربي : ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان ، فإنّ الله تعالى خلقه حياً عالماً قادراً مريداً متكلماً سميعاً بصيراً مدبراً حكيماً ، وهذه صفات الله تعالى وعبر عنها بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : «إن الله تعالى خلق آدم على صورته » يعني : على صفاته المتقدّم ذكرها .
وفي رواية " على صورة الرحمن " ، ومن أين يكون للرحمن صورة شخصية فلم تكن إلا معاني .
وروي أنّ عيسى بن يوسف الهاشميّ كان يحب زوجته حباً شديداً ، فقال لها يوماً : أنت طالق ثلاثاً إن لم تكوني أحسن من القمر ، فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقتني ، فبات بليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور فأخبره الخبر ، فاستحضر الفقهاء واستشارهم ، فقال جميع من حضر : قد طلقت ، إلا رجلاً واحداً من أصحاب أبي حنيفة فإنه كان ساكتاً ، فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ، فقال الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم { والتين والزيتون } إلى قوله تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } يا أمير المؤمنين فالإنسان أحسن الأشياء ، ولا شيء أحسن منه ، فقال المنصور لعيسى : الأمر كما قال الرجل ، فأقبل على زوجتك ، فأرسل المنصور إليها : أطيعي زوجك فما طلقك . وهذا يدل على أنّ الإنسان أحسن خلق الله تعالى ، ولذلك قيل : إنه العالم الأصغر ، إذ كل ما في المخلوقات اجتمع فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.