جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ} (4)

وقوله : لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ وهذا جواب القسم ، يقول تعالى ذكره : والتين والزيتون ، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : وقع القسم هاهنا لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ . .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ فقال بعضهم : معناه : في أعدل خلق ، وأحسن صورة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عاصم ، عن أبي رَزِين ، عن ابن عباس فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ قال : في أعدل خلق .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ في أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قال : في أحسن صورة .

قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم فِي ( أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قال : خَلْقٍ .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قال : في أحسن صورة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ف( ِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) يقول : في أحسن صورة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) : في أحسن صورة .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ قال : أحسن خَلْق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قال : في أحسن خلق .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ( فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) يقول : في أحسن صورة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن مَعْمر ، عن قتادة ، هو والكلبيّ ( فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قالا : في أحسن صورة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لقد خلقنا الإنسان ، فبلغنا به استواء شبابه وجَلَدِه وقوّته ، وهو أحسن ما يكون ، وأعدل ما يكون وأقومه . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت الحكم يحدّث ، عن عكرِمة ، في قوله : ( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَن تَقْوِيمٍ ) قال : الشاب القويّ الجَلْد .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قال : شبابه أوّل ما نشأ .

وقال آخرون : قيل ذلك لأنه ليس شيء من الحيوان إلاّ وهو منكبّ على وجهه غير الإنسان . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس( لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) قال : خلق كلّ شيء منكبا على وجهه ، إلاّ الإنسان .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن معنى ذلك : لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة وأعدلها ؛ لأن قوله : ( أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) إنما هو نعت لمحذوف ، وهو في تقويم أحسن تقويم ، فكأنه قيل : لقد خلقناه في تقويم أحسن تقويم .