قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان } ، هذا جواب القسم [ وأراد بالإنسان الكافر .
فعلى هذا نزلت في منكري البعث .
وقيل : المراد بالإنسان ]{[60506]} : آدم - عليه الصلاة والسلام - وذريته .
وقوله : { في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } صفة لمحذوف ، أي : في تقويم أحسن تقويم .
وقال أبو البقاء{[60507]} : «فِي أحسن تَقْويمٍ » في موضع الحال من الإنسان ، وأراد بالتقويم : القوام ؛ لأن التقويم فعل ، وذاك وصف للخالق لا المخلوق ، ويجوز أن يكون التقدير : في أحسن قوام التقويم ، فحذف المضاف ، ويجوز أن تكون «فِي » زائدة ، أي : قوَّمنَا أحسن تقويمٍ . انتهى .
قال المفسرون : أحسن تقويم ، واعتداله ، واستواء أسنانه ، لأنه خلق كلَّ شيء منكباً على وجهه ، وخلق هو مستوياً ، وله لسان ذلق ، ويد وأصابع يقبض بها .
قال ابن العربي : ليس لله - تعالى - خلق أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حياً ، عالماً ، قادراً ، مريداً ، متكلماً ، سميعاً ، بصيراً ، مدبراً ، حكيماً ، وهذه صفات الرب سبحانه ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : إن الله خلق آدم عليه السلام على صورته ، يعني : على صفاته التي قدمنا ذكرها ، وفي رواية «عَلَى صُورةِ الرَّحْمَن » ومن أين تكون للرحمن صورة مشخصة ، فلم يبق إلا أن تكون معاني .
روي أن عيسى بن موسى الهاشمي ، كان يحبُّ زوجته حبًّا شديداً ، فقال لها يوماً : أنت طالقٌ ثلاثاً إنْ لم تكوني أحسن من القمر ، فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقتني ، وبات بليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور ، فأخبره الخبر ، وأظهر للمنصور جزعاً عظيماً ، فاستحضر الفقهاء واستفتاهم ، فقال جميع من حضر : قد طلقت إلا رجلاً واحداً من أصحاب أبي حنيفة ، فإنه كان ساكتاً ، فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم : { والتين والزيتون وَطُورِ سِينِينَ وهذا البلد الأمين لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ، يا أمير المؤمنين ، فالإنسان أحسنُ الأشياء ، ولا شيء أحسن منه ، فقال المنصور لعيسى بن موسى : الأمر كما قال الرجل ، فأقبل على زوجتك ، وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل أن أطيعي زوجك ولا تعصيه ، فما طلقك .
فهذا يدلك على أنَّ الإنسان أحسن خلق الله تعالى باطناً وظاهراً ، جمال هيئة ، وبديع تركيب ، الرأس بما فيه ، والبطن بما حواه ، والفَرْج وما طواه ، واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه ، ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر ؛ إذ كل ما في المخلوقات أجمع فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.