تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

{ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } أي : نعاونك به ونقويك .

ثم أزال عنه محذور القتل ، فقال : { وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا } أي : تسلطا ، وتمكنا من الدعوة ، بالحجة ، والهيبة الإلهية من عدوهما لهما ، { فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } وذلك بسبب آياتنا ، وما دلت عليه من الحق ، وما أزعجت به من باشرها ونظر إليها ، فهي التي بها حصل لكما السلطان ، واندفع بها عنكم ، كيد عدوكم{[602]} وصارت لكم أبلغ من الجنود ، أولي الْعَدَدِ والْعُدَدِ .

{ أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } وهذا وعد لموسى في ذلك الوقت ، وهو وحده فريد ، وقد رجع إلى بلده ، بعد ما كان شريدا ، فلم تزل الأحوال تتطور ، والأمور تنتقل ، حتى أنجز الله له موعوده ، ومكنه من العباد والبلاد ، وصار له ولأتباعه ، الغلبة والظهور .


[602]:- كذا في ب، وفي أ: عنكم كيد عدوهم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

ثم حكى القرآن بعد ذلك ، أن الله - تعالى - قد أجاب لموسى رجاءه فقال : { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } .

شد العضد : كناية عن التقوية له ، لأن اليد تشتد وتقوى ، بشدة العضد وقوته . وهو من المرفق إلى الكتف .

أى قال - سبحانه - لقد استجبنا لرجائك يا موسى ، وسنقويك ونعينك بأخيك { وَنَجْعَلُ لَكُمَا } بقدرتنا ومشيئتنا { سُلْطَاناً } أى : حجة وبرهانا وقوة تمنع الظالمين { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } بأذى ولا يتغلبان عليكما بحجة .

وقوله { بِآيَاتِنَآ } متعلق بمحذوف . أى : فوضا أمركما إلى ، واذهبا إلى فرعون وقومه بآياتنا الدالة على صدقكما .

وقوله - تعالى - : { أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون } مؤكد لمضمون ما قبله . من تقوية قلب موسى ، وتبشيره بالغلبة والنصر على أعدائه .

أى : أجبنا طلبك يا موسى ، وسنقويك بأخيك ، فسيرا إلى فرعون وقومه ، فسنجعل لكما الحجة عليهم . وستكونان أنتما ومن اتبعكما من المؤمنين أصحاب الغلبة والسلطان على فرعون وجنده .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ سَنَشُدّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ اتّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال الله لموسى سَنَشُدّ عَضُدَكَ أي نقوّيك ونُعينك بأخيك . تقول العرب إذا أعزّ رجل رجلاً ، وأعانه ومنعه ممن أراده بظلم : قد شَدّ فلان على عَضُد فلان ، وهو مِن عاضده على أمره : إذا أعانه ، ومنه قول ابن مقبل :

عاضَدْتُها بِعَتُودٍ غيرِ مُعْتَلَثٍ *** كأنّهُ وَقْفُ عاجٍ باتَ مَكْنُونا

يعني بذلك : قوسا عاضدها بسهم . وفي العضُد لغات أربع : أجودها : العَضُد ، ثم العَضْدُ ، ثم العُضُد ، والعُضْد . يجمع جميع ذلك على أعضاد .

وقوله : ونَجْعَلُ لَكما سُلْطانا يقول : ونجعل لكما حجة . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله لَكُما سُلْطانا حجة .

حدثنا القاسم قال : قال : حدثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ونَجْعَلُ لَكُما سُلْطانا والسلطان : الحجة .

وقوله : فَلا يَصِلُونَ إلَيْكُما يقول تعالى ذكره : فلا يصل إليكما فرعون وقومه بسوء . وقوله : بِآياتِنا يقول تعالى ذكره : فَلاَ يَصِلُونَ إلَيْكُمَا فرعون وقومه بِآياتِنا أنْتُما وَمَنِ اتّبَعَكُما الغالِبُونَ فالباء فِي قوله بآياتنا من صلة غالبون . ومعنى الكلام : أنتما ومن اتبعكما الغالبون فرعون وملأه بآياتنا أي بحجتنا وسلطاننا الذي نجعله لكما .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

{ قال سنشد عضدك بأخيك } سنقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور ، ولذلك يعبر عنه باليد وشدتها بشدة العضد . { ونجعل لكما سلطانا } غلبة أو حجة . { فلا يصلون إليكما } باستيلاء أو حجاج . { بآياتنا } متعلق بمحذوف أي اذهبا بآياتنا ، أو ب { نجعل } نسلطكما بها ، أو بمعنى " لا يصلون " أي تمتنعون منهم ، أو قسم جوابه " لا يصلون " ، أو بيان ل { الغالبون } في قوله : { أنتما ومن اتبعكما الغالبون } بمعنى أنه صلة لما بينه أو صلة له على أن اللام فيه للتعريف لا بمعنى الذي .