تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

{ 17 - 20 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ * وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ }

لما ذكر تعالى خلق الآدمي ، ذكر سكنه ، وتوفر النعم عليه من كل وجه فقال : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ } سقفا للبلاد ، ومصلحة للعباد { سَبْعَ طَرَائِقَ } أي : سبع سماوات طباقا ، كل طبقة فوق الأخرى ، قد زينت بالنجوم والشمس والقمر ، وأودع فيها من مصالح الخلق ما أودع ، { وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ } فكما أن خلقنا عام لكل مخلوق ، فعلمنا أيضا محيط بما خلقنا ، فلا نغفل مخلوقا ولا ننساه ، ولا نخلق خلقا فنضيعه ، ولا نغفل عن السماء فتقع على الأرض ، ولا ننسى ذرة في لجج البحار وجوانب الفلوات ، ولا دابة إلا سقنا إليها رزقها { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا } وكثيرا ما يقرن تعالى بين خلقه وعلمه كقوله : { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } { بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } لأن خلق المخلوقات ، من أقوى الأدلة العقلية ، على علم خالقها وحكمته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

وبعد أن ساق - سبحانه - ما يدل على قدرته عن طريق خلق الإنسان فى تلك الأطوار المتعددة ، أتبع ذلك ببيان مظاهر قدرته عن طريق تلك الكائنات المختلفة ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا . . . . } .

الطرائق : جمع طريقة ، والمراد بها السموات السبع . وسميت طرائق لأن كل سماء فوق الأخرى ، والعرب تسمى كل شىء فوق شىء طريقة بمعنى مطروقة .

وهو مأخوذ من قولهم : فلان طرق النعل ، إذا ركب بعضها فوق بعض .

فالآية الكريمة فى معنى قوله - تعالى - : { الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } وقيل : سميت طرائق ، لأنها طرق الملائكة فى النزول والعروج .

أى : ولقد خلقنا فوقكم - أيها الناس - سبع سموات بعضها فوق بعض { وَمَا كُنَّا } فى وقت من الأوقات { عَنِ الخلق غَافِلِينَ } بل نحن معهم بقدرتنا ورعايتنا وحفظنا ، ندبر لهم أمور معاشهم ، ونيسر لهم شئون حياتهم دون أن نغفل عن شىء - مهما صغر - من أحوالهم ، لأننا لا تأخذنا سنة ولا نوم ، ولا يعترينا ما يعترى البشر من سهو أو غفلة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد خلقنا فوقكم أيها الناس سبع سموات بعضهنّ فوق بعض والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة . وإنما قيل للسموات السبع سبع طرائق ، لأن بعضهنّ فوق بعض ، فكل سماء منهنّ طريقة .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ قال : الطرائق : السموات .

وقوله : وَما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلينَ يقول : وما كنا في خلقنا السموات السبع فوقكم عن خلقنا الذي تحتها غافلين ، بل كنا لهم حافظين من أن تسقط عليهم فتهلكهم .