تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

{ 78 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ }

أي : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا } كثيرين إلى قومهم ، يدعونهم ويصبرون على أذاهم . { مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ } خبرهم { وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } وكل الرسل مدبرون ، ليس بيدهم شيء من الأمر .

وما كان لأحد منهم { أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ } من الآيات السمعية والعقلية { إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } أي : بمشيئته وأمره ، فاقتراح المقترحين على الرسل الإتيان بالآيات ، ظلم منهم ، وتعنت ، وتكذيب ، بعد أن أيدهم اللّه بالآيات الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به . { فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ } بالفصل بين الرسل وأعدائهم ، والفتح . { قُضِىَ } بينهم { بِالْحَقِّ } الذي يقع الموقع ، ويوافق الصواب بإنجاء الرسل وأتباعهم ، وإهلاك المكذبين ، ولهذا قال : { وَخَسِرَ هُنَالِكَ } أي : وقت القضاء المذكور { الْمُبْطِلُونَ } الذين وصفهم الباطل ، وما جاءوا به من العلم والعمل ، باطل ، وغايتهم المقصودة لهم ، باطلة ، فَلْيَحْذَر هؤلاء المخاطبون ، أن يستمروا على باطلهم ، فيخسروا ، كما خسر أولئك ، فإن هؤلاء لا خير منهم ، ولا لهم براءة في الكتب بالنجاة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

ثم ساق - سبحانه - تسلية أخرى للرسول صلى الله عليه وسلم فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً . . . } أى : رسلا كثيرين { مِّن قَبْلِكَ } أى من قبل إرسالك إلى الناس .

{ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ } كنوح وهود وصالح وإبراهيم . وغيرهم .

{ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } أخبارهم وأحوالهم لأن حكمتنا قد اقتضت ذلك .

كما قال - تعالى - فى آية أخرى : { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً } والمراد بالآية فى قوله - تعالى - { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } المعجة الخارقة الدالة على صدقه فيما يبلغه عن ربه .

أى : وما صح وما استقام لرسول من الرسل أن يأتى بمعجزة من عند نفسه ، وإنما يأتى بها بإذن الله - تعالى - ومشيئته ، إذ المعجزات جميعا عطايا من الله - تعالى - لرسله لتأييدهم فى دعوتهم .

{ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ الله } أى : فإذا جاء الوقت الذى حدده - سبحانه - لعذاب أعدائه { قُضِيَ بالحق } أى : قضى بين الناس جميعا بالحق ، فينجى - سبحانه - بقضائه العادل عباده المؤمنين .

{ وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون } أى : وخسر - عند مجئ أمر الله ، عند القضاء بين خلقه - المبطلون ، وهم الذين ماتوا مصرين على كفرهم أو فسوقهم عن أمره .

وكما قال - تعالى - فى آيات أخرى منها قوله - تعالى - : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون }