تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

{ قُلْ } لهم يا أيها الرسول ، ومن ناب منابك : { أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ } أي : أين هم ؟ وأين السبيل إلى معرفتهم ؟ وهل هم في الأرض ، أم في السماء ؟ فإن عالم الغيب والشهادة قد أخبرنا أنه ليس في الوجود له شريك .

{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ } الآية { وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ }

وكذلك خواص خلقه من الأنبياء والمرسلين ، لا يعلمون له شريكا ، فيا أيها المشركون أروني الذين ألحقتم بزعمكم الباطل باللّه { شُرَكَاءُ }

وهذا السؤال لا يمكنهم الإجابة عنه ، ولهذا قال : { كَلَّا } أي : ليس للّه شريك ، ولا ند ، ولا ضد . { بَلْ هُوَ اللَّهُ } الذي لا يستحق التأله والتعبد ، إلا هو { الْعَزِيزُ } الذي قهر كل شيء فكل ما سواه ، فهو مقهور مسخر مدبر . { الْحَكِيمُ } الذي أتقن ما خلقه ، وأحسن ما شرعه ، ولو لم يكن في حكمته في شرعه إلا أنه أمر بتوحيده ، وإخلاص الدين له ، وأحب ذلك ، وجعله طريقا للنجاة ، ونهى عن الشرك به ، واتخاذ الأنداد من دونه ، وجعل ذلك طريقا للشقاء والهلاك ، لكفى{[738]}  بذلك برهانا على كمال حكمته ، فكيف وجميع ما أمر به ونهى عنه ، مشتمل على الحكمة ؟ "


[738]:- كذا في ب، وفي أ: يكفي، ولعل الصواب ما أثبته.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

{ قل أروني الذين ألحقتم به شركاء } ألحقتموهم بالله تعالى في العبادة يعني الأصنام أي أرونيهم هل خلقوا شيئا وهذه الاية مختصرة تفسيرها قوله تعالى { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات } ثم قال { كلا } أي ليس الأمر على ما يزعمون { بل هو الله العزيز الحكيم }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

ولما كانوا قد أنكروا البعث على ذلك الوجه الذي تقدم ، ودل على قدرته عليه بما نصب من الأدلة التي شاهدوها من أفعاله بالبصر أو البصيرة إيجاداً وإعداماً ، وأقام الحجة{[56867]} على صحة الدعوة وبطلان ما هم عليه ، ثم تهددهم بالفصل يوم الجمع ، وختم بصفة العلم المحيط المستلزم للقدرة الشاملة ، وكانت القدرة لا تكون شاملة إلا عند الوحدانية ، أمره بما يوجب لهم القطع بوحدانيته وشمول قدرته بقوله : { قل } أي لهؤلاء المشركين .

ولما كانت آلهتهم تسهل رؤيتها ، وكان كل ما هو كذلك سافل المقدار عن هذه الرتبة ، وكانت آلهتهم بالخصوص أدنى الأشياء عن ذلك بكونها من أخس الجمادات ، نبه على ذلك وعلى أنها نكرة لا تعرف بقلب ولا تدل عليها فطرة زيادة في تبكيتهم بقوله : { أروني الذين } ولما لزم مما ثبت له سبحانه من صفات الكمال العلو{[56868]} الذي لا يداينه أحد بوجه قال : { ألحقتم به } ولما كان الإلحاق {[56869]}يقتضي ولا بد{[56870]} قصور الملحق عن الملحق به ، أشار إلى فرط جهلهم بتسويتهم به بقوله : { شركاء } ثم نبه بعد إبطال قياسهم على أنهم في غاية الجلافة والجمود فهم كالأنعام بما قرعهم به من الرجز في قوله مؤكداً تكذيباً لهم في دعوى الشرك : { كلا } أي {[56871]}ارتدعوا وانزجروا{[56872]} فليس والله الأمر كما ذكرتم ولا قريب منه { بل هو } أي المعبود بالحق الذي لا يستحق أن يسمى هو{[56873]} غيره { الله } أي الذي اختص بالحمد في الأولى والآخرة { العزيز } أي الذي لا مثل له ، وكل شيء محتاج إليه{[56874]} ، وهو غالب على كل شيء غلبة لا يجد{[56875]} معها ذلك الشيء وجه مدافعة ولا انقلاب ، ولا وصول لشيء إليه إلا بإذنه { الحكيم * } أي المحكم لكل ما يفعله فلا يستطيع أحد{[56876]} نقض شيء منه{[56877]} فكيف يكون له شريك وأنتم ترون له{[56878]} من هاتين الصفتين المنافيتين لذلك وتعلمون عجز من أشركتموه به عن أن يساويكم مع ما تعلمون من عجزكم .


[56867]:في ظ وم ومد: الحجج.
[56868]:زيد من ظ وم ومد.
[56869]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لابد يقتضي.
[56870]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لابد يقتضي.
[56871]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[56872]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[56873]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: به.
[56874]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: له.
[56875]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا يجب.
[56876]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[56877]:زيد من ظ ومد.
[56878]:زيد من ظ وم ومد.