تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (6)

فحين تبين لهم أن ذلك واقع ، جعل فريق من المؤمنين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ويكرهون لقاء عدوهم ، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون .

والحال أن هذا لا ينبغي منهم ، خصوصا بعد ما تبين لهم أن خروجهم بالحق ، ومما أمر اللّه به ورضيه ، . فبهذه الحال ليس للجدال محل [ فيها ]{[337]} لأن الجدال محله وفائدته عند اشتباه الحق والتباس الأمر ، . فأما إذا وضح وبان ، فليس إلا الانقياد والإذعان .

هذا وكثير من المؤمنين لم يجر منهم من هذه المجادلة شيء ، ولا كرهوا لقاء عدوهم ، . وكذلك الذين عاتبهم اللّه ، انقادوا للجهاد أشد الانقياد ، وثبتهم اللّه ، وقيض لهم من الأسباب ما تطمئن به قلوبهم كما سيأتي ذكر بعضها .


[337]:- زيادة من هامش ب.