تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (6)

وقوله تعالى : ( يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ ) قيل في القتال . وقيل قوله تعالى ( في الحق ) الذي أمرت به أن تسير إلى القتال . ويحتمل أن يكون قوله تعالى : ( في الحق ) الوعد الذي وعد لهم بالنصر والظفر ( بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ ) لهم الوعد الذي وعد لهم الله عز وجل بالنصر ( كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) فإن كانت /196-أ/ الآية في المنافقين فهو ظاهر ، وهم كذلك وصفوا بالكسل في جميع الخيرات والطاعات كقوله تعالى ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) .

وإن كانت [ في الأصل وم : كان ] في المؤمنين الذين حققوا الإيمان فهو لما كانوا غير مستعدين للقتال ولا متأهبين له كانوا كارهين لذلك ][ في الأصل وم : كذلك ] كراهة الطبع لا كراهة الاختيار .

وقال قائلون قوله تعالى : ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) أي ( وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) أجابوا ربهم ، وإن كانوا كارهين للخروج من شدة الخوف ، وإن كانوا من الخوف ( كأنما يساقون إلى الموت )[ الأنفال الآية 6 ] فأجاب الله تعالى لهم بالنصر والظفر وأمنهم من ذلك الخوف ، والله أعلم .