تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (2)

ولما كان الإيمان قسمين : إيمانا كاملا يترتب عليه المدح والثناء ، والفوز التام ، وإيمانا دون ذلك ذكر الإيمان الكامل فقال : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الألف واللام للاستغراق لشرائع الإيمان .

الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي : خافت ورهبت ، فأوجبت لهم خشية اللّه تعالى الانكفاف عن المحارم ، فإن خوف اللّه تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب .

وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم ، . لأن التدبر من أعمال القلوب ، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه ، أو يتذكرون ما كانوا نسوه ، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير ، واشتياقا إلى كرامة ربهم ، أو وجلا من العقوبات ، وازدجارا عن المعاصي ، وكل هذا مما يزداد به الإيمان .

وَعَلَى رَبِّهِمْ وحده لا شريك له يَتَوَكَّلُونَ أي : يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية ، ويثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك .

والتوكل هو الحامل للأعمال كلها ، فلا توجد ولا تكمل إلا به .