النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (6)

قوله عز وجل : { يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ } يعني في القتال يوم بدر .

و { بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : بعد ما تبين لهم صوابه .

الثاني : بعد ما تبين لهم فرضه .

وفي المجادل له قولان :

أحدهما : أنهم المشركون ، قاله ابن زيد .

الثاني : أنهم طائفة من المؤمنين وهو قول ابن عباس وابن إسحاق ، لأنهم خرجوا لأخذ العير المقبلة من الشام مع أبي سفيان فلما فاتهم ذلك أمروا بالقتال فجادلوا طلباً للرخصة وقالوا ما تأهبنا في الخروج لقتال العدو ، فأنزل الله تعالى : { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ } يعني كأنهم في قتال عدوهم يساقون إلى الموت ، رعباً وأسفاً لأنه أشد لحال من سيق إلى الموت أن يكون ناظراً له وعالماً به .