التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (6)

قوله : { يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون } جملة { يجدلونك } في محل نصب على الحال . وتفصيل المعنى : أنه لما ندب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى العير ، وفاتتهم العير ، وأمرهم الله بقتال المشركين من غير استعداد ولا كثير أهبة ، شق ذلك عليهم وقالوا : لو أخبرتنا بالقتال لأخذنا له عدته ؛ فهم بذلك يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم { في الحق } أي في القتال { بعد ما تبين لهم } أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر بشيء إلا بإذن الله . وقيل : بعد ما تبين لهم ان الله وعدهم إما الظفر بالعير أو بالمشركين من أهل مكة . فإذا فاتت العير فلابد بعد ذلك من لقاء أهل مكة والظفر بهم . والمراد من ذلك ، الإنكار لمجادلة المسلمين . وهم في مجادلتهم هذه { كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون } أي أن هؤلاء الذين يجادلون في لقاء العدو ، إذا دعوا للقائهم من أجل القتال ، كأنما يساقون إلى الموت ، من فرط كراهيتهم لقتالهم { وهم ينظرون } أي يشاهدون أسباب الموت ولا يشكون فيها ؛ فهم يعلمون أن ذلك واقع بهم لا محالة .