بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ رُسُلًا إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ نَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (74)

قوله تعالى : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ } أي من بعد هلاك قوم نوح { رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ } ، مثل : هود ، وصالح ، وإبراهيم ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، عليهم السلام { فجاؤوهم بالبينات } يعني : بالأمر والنهي . ويقال : بالآيات والعلامات ، { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } قال مقاتل : يعني : ما كان كُفَّار مكة ليصدِّقوا بالعذاب أنه نازل بهم ، كما لم يصدق به أوائلهم من قبل كفار مكة . وقال الكَلْبِي : { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به } عند الميثاق ، حين أخرجهم من صلب آدم . وقال : { وما كانوا ليؤمنوا } ، يعني : أُولئك القوم بعد ما كان دعاهم الرُّسل بما كذبوا به من قبل أن يأتيهم الرُّسل { كَذَلِكَ نَطْبَعُ على قُلوبِ المعتدين } يعني : نختم على قلوب المعتدين من الحلال والحرام . ويقال صار تكذيبهم طبعاً على قلوبهم ، فمنعهم عن الإيمان .