السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ رُسُلًا إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ نَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡمُعۡتَدِينَ} (74)

{ ثم بعثنا من بعده } أي : نوح { رسلاً إلى قومهم } لم يسم هنا تعالى من كان بعد نوح من الرسل ، وقد كان بعده هود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب صلوت الله وسلامه عليهم . { فجاؤوهم بالبينات } أي : بالمعجزات الواضحات التي تدل على صدقهم . { فما كانوا ليؤمنوا } أي : فما استقام لهم أن يؤمنوا لشدّه عنادهم وخذلان الله تعالى إياهم { بما } أي : بسبب ما { كذبوا به من قبل } أي : أنهم كانوا قبل بعثة الرسل إليهم أهل جاهلية مكذبين بالحق ، فما وقع فصل بين حالتيهم بعد بعثة الرسل وقبلها كأن لم يبعث إليهم أحد { كذلك } أي : مثل ما طبعنا على هؤلاء بسبب تكذيبهم الرسل { نطبع } أي : نختم { على قلوب المعتدين } في كل زمن لكل من تعمد العدول فيما لا يحلّ له ، فلا يقبل الإيمان لانهماكهم في الضلال واتباعهم المألوف . وفي أمثال ذلك دليل على أن الأفعال واقعة بقدرة الله تعالى وكسب العبد .