بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَمَا ٱسۡطَٰعُوٓاْ أَن يَظۡهَرُوهُ وَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ لَهُۥ نَقۡبٗا} (97)

{ فَمَا اسطاعوا } ، أي فما قدروا { أَن يَظْهَرُوهُ } ، يعني : أن يعلوا فوق السد . { وَمَا استطاعوا لَهُ نَقْبًا } ، أي ما قدروا على نقب السد . ويقال : { مَا * استطاعوا لَهُ نَقْبًا } أي ما تحت السد في الأرض ، لأنه بناه في الأرض إلى السماء .

قال الفقيه رضي الله عنه : حدّثنا عمرو بن حمد قال : حدّثنا أبو بكر الواسطي قال : حدّثنا إبراهيم بن يوسف قال : حدّثنا أبو حفص ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال :

« إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ الرَّدْمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، حَتَّى إذا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْس ، قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَداً ، فَيُعِيدُهُ الله كَمَا كَانَ . حَتَّى إذا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ ، قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُه غَداً إنْ شَاءَ الله تَعَالَى . فَيَعُودُونَ إلَيْهِ ، فَإذا هُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَسْتَقُونَ المِيَاهَ وَتُحَصَّنُ النَّاسُ فِي حُصُونِهِمْ ، فَيَبْعَثُ الله عَلَيْهِمْ نغفاً فِي أَقْفِيَتِهِمْ فَيُهْلِكُهُمُ الله بِهَا » . وروى أبو صالح ، عن ابن عباس أن يأجوج ومأجوج لا يموت الرجل منهم حتى يلد لصلبه ألف ابن ، وذكر أن يأجوج ومأجوج ، كما ذكرنا ، وهما ابنا يافث بن نوح ، فإذا انكسر السد ، وذلك عند اقتراب الساعة ، يخرجون فيمرون ببحيرة طبرية بأرض الشام وهي مملوءة ماء فيشربها أولهم ، ثم يمر آخرهم فيقولون لقد كان هاهنا مرة ماء . قال : والسد نحو بنات نعش ، ثم يمرون بالبحر فيأكلون ما في جوفه من سمك وسرطان وسلحفاة ودابة ، ثم يأكلون ورق الشجر ، ويأكلون ما في الأرض من شيء ، ويهرب الناس منهم فيقتلون من قدروا عليه ، ولا يستطيعون أن يأتوا أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد بيت المقدس ، ومسجد طور سيناء . ثم لا يرون على الأرض غيرهم ، ثم يقولون : لقد قتلنا أهل الأرض وبقي أهل السماء ، فيرمون سهامهم نحو السماء فتصيب الطير في جو السماء ، فترجع سهامهم مختضبة بالدماء فيقولون : لقد قتلنا أهل السماء وأهل الأرض ولم يبقَ غيرنا . فيبعث الله تعالى عليهم دوداً يُسمَّى النغف ، فيدخل في آذانهم فيقتلهم ، فتنتن الأرض من جيفهم ، ثم يرسل الله تعالى أربعين يوماً حتى يحمل السيل جيفهم فيرميها إلى البحر ، ويعود البحر كما كان . قرأ حمزة { فَمَا اسطاعوا } بتشديد الطاء والباقون بالتخفيف . فلما فرغ ذو القرنين من بناء السد .