بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (51)

قوله عز وجل : { يا أيها الرسل } ، يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم . وإنما خاطب به النبي صلى الله عليه وسلم وأراد به النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ، كما يجيء في مخاطبتهم . { كُلُواْ مِنَ الطيبات } ، يعني : من الحلالات . قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : حدثنا الخليل بن أحمد قال : حدثنا ابن صاعد قال : حدثنا أحمد بن منصور قال : حدثنا الفضيل بن دكين قال : حدثنا الفضل بن مرزوق قال : أخبرني عدي بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّبَاً ، وَإنَّ الله تَعَالَى أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ ، فَقَالَ : { وَمَعِينٍ يأَيُّهَا الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات } وقال : { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغمام وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ المن والسلوى كُلُواْ مِن طيبات مَا رزقناكم وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ البقرة : 57 ] . ثمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ ، يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ : يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِّيَ بِالحَرَامِ ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك » وقال الزجاج : خوطب بهذا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل : { يا أيها الرسل } وتضمن هذا الخطاب أن الرسل عليهم السلام جميعاً كذا أمروا . قال : ويروى أن عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمه ، وكان رزق النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة وأطيب الطيبات الغنائم . ثم قال تعالى : { واعملوا صالحا } ؛ يعني : خالصاً . { إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } ، يعني : قبل أن تعملوا .