قوله تعالى : { يا أيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات } الآية .
اعلم أنَّ هذا خطاب مع{[32962]} كل الرسل ، وذلك غير ممكن ، لأنّ الرّسل إنّما أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة ، فلهذا تأوّلوه على وجوه :
فقيل : معناه الإعلام بأن كلّ رسول نُودي في زمانه بهذا المعنى ، ووصي به ، ليعتقد السامع أن أمراً نودي له جميع الرسل ، ووصوا به ، حقيق أن يؤخذ ويعمل عليه .
وقال الحسن ومجاهد وقتادة والسدي والكلبي وجماعة : أراد به محمداً - عليه السلام{[32963]} - وحّده على مذهب العرب في مخاطبة الواحد بلفظ الجماعة كقولك للواحد : أيُّها القوم كُفُّوا عنّا أذاكم ولأنه ذكر ذلك بعد انقضاء أخبار الرسل . وقال ابن جرير{[32964]} : المراد عيسى - عليه السلام{[32965]} - لأنه إنما ذكر بعد ذكره مكانه الجامع للطعام والشراب ، ولأنه روي «أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام كان يأكل من غزل أمه {[32966]} » .
والأول أقرب ، لأنه أوفق للفظ ، ولأنه «روي عن أم عبد الله أخت شدّاد بن أوس أنها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح لبن في شدّة الحر عند فطره وهو صائم فردّه الرسول إليها وقال : «من أين لَكِ هذا ؟ » ، فقالت : من شاةٍ لي ، فقال : «من أين هذه الشاة ؟ » ، فقالت : اشتريتُها بِمَالي ، فأخذه ، ثم إنها جاءته فقالت : يا رسول الله لِمَ رَدَدته ؟ فقال - عليه السلام {[32967]}- : «بذلك أمرت الرسل أن لا تأكل إلاّ طيباً ولا تعمل إلاّ صالحا{[32968]} »{[32969]} .
واختلفوا في الطيّب ، فقيل : هو الحلال . وقيل : هو المستطاب المستلذ من المأكل{[32970]} .
قوله : { واعملوا صَالِحاً } يجوز أن يكون «صالحاً » نعتاً لمصدر محذوف أي : واعملوا عملاً صالحاً من غير نظر إلى ما يعملونه ، كقولهم : يُعطي ويمنع . ويجوز أن يكون مفعولاً به ، وهو واقع على نفس المعمول . { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وهذا تحذير من مخالفة ما أمرهم به ، وإذا كان تحذيراً للرسل مع علو شأنهم ، فبأن يكون تحذيراً لغيرهم أولى {[32971]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.