فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (51)

{ يا أيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات } قال الزجاج : هذه مخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودلّ الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا ؛ وقيل : إن هذه المقالة خوطب بها كل نبيّ ، لأن هذه طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها ، فيكون المعنى : وقلنا : يا أيها الرسل خطاباً لكل واحد على انفراده ، لاختلاف أزمنتهم . وقال ابن جرير : إن الخطاب لعيسى . وقال الفرّاء : هو كما تقول للرجل الواحد : كفوا عنا ، و { الطيبات } : ما يستطاب ويستلذّ ، وقيل : هي الحلال ، وقيل : هي ما جمع الوصفين المذكورين . ثم بعد أن أمرهم بالأكل من الطيبات أمرهم بالعمل الصالح فقال : { واعملوا صالحا } أي عملاً صالحاً وهو ما كان موافقاً للشرع ، ثم علل هذا الأمر بقوله : { إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } لا يخفى عليّ شيء منه ، وإني مجازيكم على حسب أعمالكم إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشرّ .

/خ56