بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ} (37)

ثم قال عز وجل : { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة } يعني : هم رجال ، وقرأ الباقون { يُسَبّحُ } بكسر الباء ، ويكون الفعل للرجال ، يعني : يسبح فيها { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ } ، يعني : لا يشغلهم البيع والشراء عن ذكر الله ، يعني : عن طاعة الله ، وعن مواقيت الصلاة . { وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصلاة } ، يعني : عن إتمام الصلاة .

قال بعضهم : نزلت الآية في أصحاب الصفة وأمثالهم ، الذين تركوا التجارة ولزموا المسجد ؛ وقال بعضهم : هم الذين يتجرون ولا تشغلهم تجارة عن الصلوات في مواقيتها ، وهذا أشبه ، لأنه قال : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } ، وأصحاب الصفة وأمثالهم لم يكن عليهم الزكاة ، وقال الحسن : { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة } . أما أنهم كانوا يتجرون ، ولم تكن تشغلهم تجارة عن ذكر الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة . وروي عن ابن مسعود أنه رأى قوماً من أهل السوق سمعوا الأذان ، فتركوا بياعاتهم ، وقاموا إلى الصلاة ، فقال : هؤلاء من الذين . { لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله } .

ثم قال : { يخافون يَوْماً } يعني : من اليوم الذي { تَتَقَلَّبُ فِيهِ القلوب والأبصار } يعني : يتردد فيه القلوب والأبصار في الصدر ، إن كان كافراً فإنه يبلغ الحناجر من الخوف ، وإن كان تقيّاً مؤمناً تقول الملائكة { هذا يَوْمُكُمُ الذى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } فبين ما في قلبه في البصر ، وإن كان حزناً فحزن ، وإن كان سروراً فسرور ، ويقال يتقلب يعني : يتحول حالاً بعد حال مرة ، يعرفون ومرة لا يعرفون ، ويقال ينقلب يعني : يتحول عما كانت عليه في الدنيا من الشك حين رأى بالمعاينة فيتحول قلبه وبصره من الشك إلى اليقين .