بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٖ مِّن مَّآءٖۖ فَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰ بَطۡنِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰ رِجۡلَيۡنِ وَمِنۡهُم مَّن يَمۡشِي عَلَىٰٓ أَرۡبَعٖۚ يَخۡلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (45)

ثم قال :

وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 45 )

قوله عز وجل : { والله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مّن مَّاء } يعني : من ماء الذكور . قرأ حمزة والكسائي { خالق كُلّ دَابَّةٍ } على معنى الإضافة . وقرأ الباقون { خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ } على معنى فعل الماضي ، ويقال هذا معطوف على ما سبق . { يَهْدِى الله لِنُورِهِ مَن يَشَاء } فكأنَّه يقول : يهدي من يشاء ويضلُّ من يشاء كما أنه يخلق ما يشاء من الخلق ألواناً .

ثم وصف الخلق فقال تعالى : { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على بَطْنِهِ } مثل الحية ونحو ذلك فإن قيل لا يقال للدواب منهم ، وإن هذا اللفظ يستعمل للعقلاء ، قيل له : الدابة اسم عام وهو يقع على ذي روح ، فيقع ذلك على العقلاء وغيرهم ، فإذا كان هذا اللفظ يقع على العقلاء وغيرهم فذكر بلفظ العقلاء ، ولو قال : فمنه كان جائزاً ، وينصرف إلى قوله كل ، ولكنه لم يقرأ ، وإنما قال : يمشي على وَجْهِ المجاز ، وإن كان حقيقته المشي بالرِّجل ، لأنه جمعه مع الذي يمشي على وجه التبع .

ثم قال : { وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِى على رِجْلَيْنِ } مثل الإنسان ونحوه { وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى على أَرْبَعٍ } أي على أربع قوائم مثل الدوابّ وأشباهها ، فإن قيل : إيش الحكمة في خلق كل شيء من الماء ؟ قيل له : لأن الخلق من الماء أعجب ، لأنه ليس شيء من الأشياء أشدّ طوعاً من الماء ، لأن الإنسان لو أراد أن يمسكه بيده ، أو أراد أن يبني عليه ، أو يتخذ منه شيئاً لا يمكنه ، والناس يتخذون من سائر الأشياء أنواع الأشياء ، قيل : فالله تعالى أخبر أنه يخلق الماء ألواناً من الخلق ، وهو قادر على كل شيء .

ثم قال : { يَخْلُقُ الله مَا يَشَاء } يعني : كما يشاء ، وكيف يشاء { إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء } من الخلق وخلقه { قَدِيرٌ } أي قادر .