بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (128)

قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } يقول : واذكر يوم يجمعهم الله { جَمِيعاً } يعني : الجن والإنس . قرأ عاصم في رواية حفص { يَحْشُرُهُمْ } بالياء يعني : أن الله يحشرهم وقرأ الباقون { نَحْشُرُهُمْ } بالنون { يا معشر الجن } يقول لهم يا معشر الجن { قَدِ استكثرتم مّنَ الإنس } يعني : قد أضللتم كثيراً من الإنس { وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مّنَ الإنس } الذين أضلوهم { رَبَّنَا استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } يعني : انتفع بعضنا ببعض وكان استمتاع الإنس بالجن في الدنيا أن أهل الجاهلية كانوا إذا سافر واحد منهم فأدركه المساء بأرض قفر وخاف بالليل فقال : أعوذ بسيد أهل هذا الوادي من سفهاء قومه ، فأمن ، ولبث في جوارهم حتى يصبح . وكان استمتاع الجن بالإنس أن قالوا : لقد سوّدنا الإنس والجن فيزيدون شرفاً في قومهم يعني : فيما بين الجن والإنس .

{ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا } يعني : الموت الذي جعلته أجلنا في هذه الدنيا وهذا قول الكلبي . وقال الضحاك : { رَبَّنَا استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } يعني : خدع بعضنا بعضاً عن دينك يعني : أن الجن قد خدعنا وأضَلَّنَا { وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا } يعني : ما كتبت علينا من الشقاوة { قَالَ النار مَثْوَاكُمْ } يعني : منزلكم وهم الجن والإنس { خالدين فِيهَا } مقيمين في النار { إِلاَّ مَا شَاء الله } قال الكلبي : مشيئة الله من كل شيء ، ويقال : إلا ما شاء الله البرزخ والقيامة قد شاء الله لهم الخلود فيها . ويقال { إِلاَّ مَا شَاء الله } يخرج منها من أهل التوحيد { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } .