بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ شَهِدۡنَا عَلَىٰٓ أَنفُسِنَاۖ وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَٰفِرِينَ} (130)

ثم يقول لهم :

{ يا معشر الجن والإنس } يعني : يقول لهم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } قال مقاتل : بعث الله تعالى رسولاً من الجن إلى الجن ومن الإنس إلى الإنس . ويقال رسل الجن السبعة الذين سمعوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى قومهم منذرين . وقالوا : يا قومنا أجيبوا داعي الله . ويقال : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } يعني : من الإنس خاصة . وقال ابن عباس : كانت الرسل تبعث إلى الإنس وأن محمداً صلى الله عليه وسلم بعث إلى الجن والإنس .

ثم قال { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ } يقول : يقرؤون ويعرضون عليكم { آياتي } يعني : القرآن { وَيُنذِرُونَكُمْ } يعني : يخوّفونكم { لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا } يعني يقولون بلى أقررنا أنهم قد بلغوا وكفرنا بهم . ثم قالت الرسل : وذلك بعدما شهد عليهم سمعهم وأبصارهم يقول الله تعالى : { وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا } يعني : ما في الحياة الدنيا من زهرتها وزينتها { وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كافرين } في الدنيا . ويقول الله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يا معشر الجن قَدِ استكثرتم مِّنَ الإنس وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإنس رَبَّنَا استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النار مَثْوَاكُمْ خالدين فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ الله إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } [ الأنعام : 128 ] على وجه التقديم والتأخير .