ثم ذكر سبحانه ما أجاب به نوح عليه السلام عليهم إجمالا فقال { قال يا قوم أرأيتم } أي أخبروني { إن كنت على بينة } برهان { من ربي } في النبوة يدل على صحتها ويوجب عليكم قبولها مع كون ما جعلتموه قادحا ليس بقادح في الحقيقة فإن المساواة في صفة البشرية لا تمنع المفارقة في صفة النبوة وإتباع الأراذل كما تزعمون ليس مما يمنع من النبوة فإنهم مثلكم في البشرية والعقل والفهم فإتباعهم لي حجة عليكم لا لكم ، ويجوز أن يريد بالبينة المعجزة وفي هذا الخطاب غاية التلطف بهم .
{ وآتاني رحمة من عنده } وهي النبوة وقيل الرحمة المعجزة والبينة النبوة قيل ويجوز أن يكون الرحمة هي البينة نفسها والأولى تفسير الرحمة بغير ما فسرت به البينة وقيل الرحمة هي على الحق ، وقيل هي الهداية إلى معرفة البرهان ، وقيل الإيمان والإفراد في { فعميت } على إرادة كل واحدة منهما أو على إرادة البينة لأنها هي التي تظهر لمن تفكر وتخفى على من لم يتفكر ومعنى عميت خفيت يقال عميت عن كذا وعمي علي كذا إذا لم أفهمه .
قيل وهو من باب القلب لأن البينة أو الرحمة لا تعمي ، وإنما يعمى عنها فهو كقولهم أدخلت القلنسوة رأسي وقيل أن عمي الدليل بمعنى خفائه مجازا فيقال حجة عمياء كما يقال مبصرة للواضحة وهو استعارة تبعية ، شبه خفاء الدليل بالعمى في أن كلا يمنع الوصول إلى المقاصد وقرئ فعميت بضم العين وتشديد الميم على البناء للمفعول أي فعماها الله .
{ عليكم } فلم تهدكم كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغيرها وفي قراءة أبي فعماها عليكم .
والاستفهام في { أنلزمكموها } للإنكار أي لا يمكنني أن اضطركم إلى المعرفة بها أي بالرحمة والمراد إلزام الجبر بالقتل ونحوه لا إلزام الإيجاب إذ هو حاصل ولذا فسره السيوطي بقوله أنجبركم على قبولها { وأنتم } أي والحال أنكم { لها كارهون } أي منكرون ونافون لها والمعنى أخبروني إن كنت على حجة ظاهرة الدلالة على صحة النبوة إلا أنها خافية عليكم أيمكننا أن نضطركم إلى العلم بها والحال أنكم لها كارهون غير متدبرين فيها فإن ذلك لا يقدر عليه إلا الله عز وجل .
وعن قتادة قال : أما والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه ، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.