فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَٰقَوۡمِ لَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مَالًاۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۚ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۚ إِنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَلَٰكِنِّيٓ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمٗا تَجۡهَلُونَ} (29)

{ ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله } فيه التصريح منه عليه السلام بأنه لا يطلب على تبليغ الرسالة مالا حتى يكون بذلك محلا للتهمة ويكون لقول الكافرين مجال بأنه ادعى طلبا للدنيا والضمير في عليه راجع إلى ما قاله لهم فيما قبل هذا .

{ و } قوله { ما أنا بطارد الذين آمنوا } كالجواب عما يفهم من قولهم { وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا } من التلميح منهم إلى إبعاد الأراذل عنه وقيل إنهم سألوه طردهم تصريحا لا تلميحا وهذا كما قالت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم كما تقدم في سورة الأنعام { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } الآية .

ثم علل ذلك بقوله { إنهم ملاقوا ربهم } أي لا أطردهم فإنهم ملاقون يوم القيامة ربهم يجازيهم على إيمانهم لأنهم طلبوا بإيمانهم ما عنده سبحانه ، وكأنه قال هذا على وجه الإعظام لهم ويحتمل أنه قاله خوفا من مخاصمتهم له عند ربهم بسبب طرده لهم .

ثم بين لهم ما هم عليه في هذه المطالب التي طلبوها منه والعلل التي اعتلوا بها عن إجابته فقال { ولكني أراكم قوما تجهلون } كل ما ينبغي أن يعلم ، ومن ذلك استرذالهم للذين اتبعوه وسؤالهم له أن يطردهم .