فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

ثم قال الله تعالى { وتركنا بعضهم } أي بعض يأجوج ومأجوج { يومئذ يموج في بعض } أي جعلنا وصيرنا بعضهم يوم مجيء الوعد أو يوم خروج يأجوج ومأجوج يختلط ويموج في بعض آخر منهم ، يقال ماج الناس إذا دخل بعضهم في بعض حيارى كموج الماء ، والمعنى أنهم يضطربون ويختلطون من شدة الازدحام عند خروجهم عقب موت الدجال فينحاز عيسى بالمؤمنين إلى جبل الطور فرارا منهم ، ثم يسلط الله عليهم دودا في أنوفهم فيموتون به ولا يدخلون مكة ولا المدينة ولا بيت المقدس ولا يصلون إلى من تحصن منهم بورد أو ذكر وتمام قصتهم في كتابنا حجج الكرامة .

وقيل الضمير في بعضهم للخلق واليوم يوم القيامة أي وجعلنا بعض الخلق من الجن والإنس يموج في بعض ، وقيل المعنى وتركنا يأجوج ومأجوج يوم كمال السد وتمام عمارته بعضهم يموج في بعض .

{ ونفخ في الصور } أي القرن للبعث وقد تقدم تفسيره وفيه دليل على أن خروجهم من علامات قرب الساعة ، قيل هي النفخة الثانية بدليل قوله بعد { فجمعناهم جمعا } فإن الفاء تشعر بذلك ولم يذكر النفخة الأولى لأن المقصود هنا ذكر أحوال القيامة والمعنى جمعنا الخلائق بعد تلاشي أبدانهم ومصيرها ترابا جمعا تاما على أكمل صفة وأبدع هيئة وأعجب أسلوب في صعيد واحد .