{ وكأين } قد تقدم الكلام فيها وأنها أي دخلت عليها كاف التشبيه ، وصار فيها معنى كم كما صرح به الخليل وسيبويه ، وتقديرها عندهما كشيء كثير من العدد { من دابة } وقيل : المعنى وكم من دابة ذات حاجة إلى غذاء { لا تحمل رزقها } أي لا تطيق حمله لضعفها ، ولا تدخره لغد ، ولا ترفعه معها مثل البهائم والطير .
{ الله يرزقها وإياكم } أي إنما يرزقها الله من فضله ويرزقكم ، فكيف لا تتوكلون على الله مع قوتكم وقدرتكم على أسباب العيش كتوكلها على الله مع ضعفها وعجزها . قال الحسن : تأكل لوقتها لا تدخر شيئا ، وقال مجاهد : يعني الطير والبهائم تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئا .
وعن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ، والمعنى أنها تذهب أول النهار جياعا ضامرة البطون وتروح آخر النهار إلى أوكارها شباعا ممتلئة البطون ، ولا تدخر شيئا . قال سفيان بن عيينة : ليس شيء من خلق الله يخبئ إلا الإنسان والفأرة النملة ، سوّى سبحانه وتعالى في هذه الآية بين الحريص والمتوكل في الرزق ، وبين الراغب والقانع ، وبين الجلد والعاجز يعني أن الجلد لا يتصور أنه مرزوق بجلده ، ولا يتصور أنه ممنوع من الرزق بعجزه .
{ وهو السميع } الذي يسمع كل مسموع { العليم } بكل معلوم .
أخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، وابن عساكر ، قال السيوطي : بسند ضعيف عن ابن عمر قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل بعض حيطان المدينة فجعل يلتقط التمر ويأكل ، فقال لي : مالك لا تأكل ؟ قلت : لا أشتهيه يا رسول الله ، قال : لكني أشتهيه ، وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ، ولم أجده ، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم ويضعف اليقين ؟ قال : فوالله ما برحنا وما رمنا حتى نزلت : { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لم يأمرني بكنز الدنيا ولا بإتباع الشهوات ، ألا وإني لا أكنز دينارا ولا درهما ؛ ولا أخبئ رزقا لغد ، وهذا الحديث فيه نكارة شديدة لمخالفته ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يعطي نساءه قوت العام كما ثبت ذلك في كتب الحديث المعتبرة ، وفي إسناد أبو العطوف{[1357]} الجوزي وهو ضعيف . ثم إنه سبحانه ذكر حال المشركين من أهل مكة وغيرهم ، وعجب السامع من كونهم يقرون بأنه خالقهم ورازقهم ولا يوحدونه ولا يتركون عبادة غيره فقال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.