{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ( 56 ) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ( 57 ) }
{ يا عبادي الذين آمنوا } أضافهم إليه بعد خطابه لهم تشريفا وتكريما ، والموصول صفة موضحة أو مميزة { إن أرضي واسعة } : قيل : نزلت في ضعفاء مسلمي أهل مكة ، يقول الله : إن كنتم في ضيق في مكة من إظهار الإيمان ، وفي مكايدة للكفار فاخرجوا منها لتتيسر لكم عبادتي وحدي ، وتتسهل عليكم .
وقيل : نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة ، وقالوا : نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة ، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذر لهم بترك الخروج . قال الزجاج : أمروا بالهجرة من الموضع الذي لا تمكنهم فيه عبادة الله ، وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ أن يعبد الله حق عبادته ، وقال مطرف ابن الشخير : المعنى أنم رحمتي واسعة ورزقي لكم واسع ، فابتغوه في الأرض . و قيل : البلاد والبقاع تتفاوت في ذلك تفاوتا كثيرا ، قال علي القارى رحمه الله : وأما اليوم فإن بحمد الله لم نجد أعون على قهر النفس ، وأجمع للقلب ، وأحث على القناعة ، وأطرد للشيطان ، وأبعد من الفتن وأربط للأمر الديني ، وأظهر له من مكة حرسها الله تعالى{[1356]} .
أقول : لولا ما فيها الآن من استطالة أهل البدع على أهل السنة وإيثار التنظيمات السلطانية على الأحكام الرحمانية ، وظلم أهل المكس على الحجاج ، وعدم الانتصاف من أهل الاعتساف ، والحجر على العمل بالسنة ، والتمسك بالحق ، والله يفعل ما يشاء ويحكم على ما يريد .
قال سهل : إذا ظهرت المعاصي والبدع في أرض فاخرجوا منها إلى أرض المطيعين ، قلت وأنّى لنا هذا اليوم ؟ ولو علمنا أرضا طائعة على وجه البسيطة على حسب ما نطق به الكتاب والسنة أو ما ذهب إليه فقهاء الأمة لخرجنا إليها إن شاء الله تعالى ؛ ولكن كم من أمنية ضاعت فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وروي مرفوعا : من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة ، ولينظر في سنده وتخريجه ، وقيل : المعنى : إن أرضي التي هي أرض الجنة واسعة .
{ فإياي فاعبدون } حتى أورثكموها ، وانتصاب إياي بفعل مضمر ، أي : فاعبدوا إياي ، ثم لما صعب على المؤمنين ترك الأوطان ، ومفارقة الإخوان ، خوفهم سبحانه بالموت ليهون عليهم أمر الهجرة ، وشجع المهاجرين لئلا يقيموا بدار الشرك خوفا من الموت فقال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.