فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ} (71)

والظرف في قوله { إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ } متعلق ب { يعلمون70 } أي فسوف يعلمون . وقت كون الأغلال في أعناقهم ، أو اذكر لهم وقت الأغلال ليخافوا وينزجروا { وَالسَّلَاسِلُ } جمع سلسلة معروفة قال الراغب تسلسل الشيء اضطرب ، كأنه تصور منه تسلسل متردد فتردد لفظه ، تنبيه على تردد معناه ، وماء سلسل متردد في مقره ، معطوف على الأغلال ، والتقدير إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم .

ويجوز أن يرتفع السلاسل على أنه مبتدأ ، وخبره محذوف لدلالة في أعناقهم عليه ، ويجوز أن يكون خبره { يُسْحَبُونَ 71 فِي الْحَمِيمِ } بحذف العائد أي يسحبون بها في الحميم ، وهذا على قراءة الجمهور برفع السلاسل ، وقرئ بنصبها ، وقرءوا يسحبون بفتح الياء مبنيا للفاعل ، فتكون السلاسل مفعولا مقدما ، وقرئ بجر السلاسل ، قال الفراء وهذه القراءة محمولة على المعنى ، إذ المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل وقال الزجاج المعنى على هذه القراءة وفي السلاسل يسحبون ، واعترضه ابن الأنباري بأن ذلك لا يجوز في العربية والسحب الجر بعنف ، والسحاب من ذلك لأن الريح تجره أو لأنه يجر الماء ، والحميم هو المتناهي في الحر ، وقيل الصديد ، وقيل جهنم . وقيل الماء الحار الذي يكسب الوجوه سوادا والأعراض عارا ، والأرواح عذابا ، والأجسام نارا ، وقد تقدم تفسيره قال ابن عباس يسحبون في الحميم فينسلخ كل شيء عليهم ، من جلد ولحم وعرق ، حتى يصير في عقبه ، حتى إن لحمه قدر طوله ، وطوله ستون ذراعا ، ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر في الحميم .