فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجِكُمۡ وَأَوۡلَٰدِكُمۡ عَدُوّٗا لَّكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُمۡۚ وَإِن تَعۡفُواْ وَتَصۡفَحُواْ وَتَغۡفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

{ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم }

{ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم } يدخل فيها الذكر والأنثى { وأولادكم عدوا لكم } يعني أنهم يعادونكم ويشغلونكم عن الخير وعن طاعة الله ، أو يخاصمونكم في أمر الدين والدنيا ، ويدخل في ذلك سبب النزول دخولا أوليا { فاحذروهم } أن تطيعوهم في التخلف عن الخير كالجهاد والهجرة ، فإن سبب نزول الآية الإطاعة في ذلك ، والضمير يعود إلى العدو ، وإنما جاز جمع الضمير لأن العدو يطلق على الواحد والاثنين والجماعة ، أو إلى الأزواج والأولاد ، ولكن لا على العموم ، بل إلى المتصفين بالعداوة منهم ، قال مجاهد : والله ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودتهم على أن اتخذوا لهم الحرام فأعطوهم إياه ، ثم أرشدهم إلى التجاوز فقال :

{ وإن تعفوا } عن ذنوبهم التي ارتكبوها بترك المعاقبة { وتصفحوا } بالإعراض وترك التثريب عليها { وتغفروا } بإخفائها وتمهيد معذرتهم فيها وتستروها { فإن الله غفور رحيم } بالغ المغفرة والرحمة لكم ولهم يعاملكم بمثل ما عملتم ويتفضل عليكم .

" عن ابن عباس قال : هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم إلى أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهموا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا } الآية أخرجه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .