فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِن قَوۡمِ مُوسَىٰٓ أُمَّةٞ يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ} (159)

{ ومن قوم موسى أمة } لما قص الله سبحانه علينا ما وقع من السامري وأصحابه وما حصل من بني إسرائيل من التزلزل في الدين ، قص علينا سبحانه أن من قومه أمة مخالفة لأولئك الذين تقدم ذكرهم ووصفهم بأنهم { يهدون } أي يدعون الناس إلى الهداية حال كونهم متلبسين { بالحق } أو يهتدون به ويستقيمون عليه وسيعملون به ويرشدون إليه { وبه يعدلون } بين الناس في الحكم أي بالحق يحكمون وبالعدل يأخذون ويعطون وبه يتصفون .

واختلفوا في هؤلاء فقيل هم القوم الذين بقوا على الدين الحق الذي جاء به موسى قبل التحريف والتبديل ودعوا الناس إليه ، وقال الكلبي والضحاك والربيع : هم قوم خلف الصين بأقصى الشرق على نهر يسمى نهر الأردن ليس لأحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل ، ويصحون في النهار ويزرعون ولا يصل إليهم أحد منا وهم على الحق إلى آخر القصة ، وما أبعدها عن الصحة وأقربها إلى الوضع ، وقد ابتلى بذكرها جمع من المفسرين الذين ليس لهم معرفة بعلم الحديث .

وقيل هم الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن .

وأخرج الفرياني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال موسى : يا رب أجد أمة أنا جيلهم في قلوبهم قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد ، قال : يا رب أجد أمة يصلون الخمس تكون كفارات لما بينهن ، قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد ، قال : يا رب أجد أمة يعطون صدقات أموالهم ثم ترجع فيهم فيأكلون قال : تلك أمة بعدك أمة أحمد : يا رب أجعلني من أمة أحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فأنزل الله كهيئة المرضية لموسى { ومن قوم موسى أمة } الآية .