فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِينَ} (41)

{ إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم } جواب القسم ، والمعنى إنا لقادرون على أن نخلق أمثل منهم وأطوع لله حين عصوه ، ونهلك هؤلاء أو نبدلهم بتحويل الوصف فيكونوا أشد بطشا في الدنيا وأكثر أموالا وأولادا ، وأعلى قدرا ، وأكثر حشما وجاها وخدما فيكونوا عندك على قلب واحد في سماع قولك وتوقيرك وتعظيمك ، والسعي في كل ما يشرح صدرك بدل ما يعمل هؤلاء من الهزء والتصفيق والصفير ، وكل ما يضيق به صدرك .

وقد فعل سبحانه ما ذكر من هذه الأوصاف بالمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بالإحسان ، مع السعة في الرزق بأخذ أموال الجبارين من كسرى وقيصر ، والتمكن في الأرض حتى كانوا ملوك الدنيا مع العمل بما يوجب لهم ملك الآخرة ، ففرجوا الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبذلوا في مرضاته الأنفس والأموال .

ومن جملة المقسم عليه قوله : { وما نحن بمسبوقين } أي بمغلوبين إن أردنا ذلك بل نفعل ما أردنا لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر ، ولكن مشيئتنا وسابق علمنا اقتضيا تأخير عقوبة هؤلاء وعدم تبديلهم بخلق آخر