فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

{ يوم يخرجون من الأجداث سراعا } " يوم " بدل من يومهم ؛ بدل بعض من كل على ما يقتضيه تفسير يومهم بما ذكر ؛ قرأ الجمهور يخرجون على البناء للفاعل وقرئ على البناء للمفعول ؛ والأجداث جمع جدث وهو القبر ؛ والسراع جمع سريع وانتصابه على الحال من ضمير يخرجون .

{ كأنهم إلى نصب يوفضون } قرأ الجمهور نصب بفتح النون وسكون الصاد وهو اسم مفرد بمعنى العلم المنصوب الذي يسرع الشخص نحوه ، وقال أبو عمرو هو شبكة الصائد يسرع إليها عند وقوع الصيد فيها مخافة انفلاته . وقرئ بضمهما ، وفيه ثلاثة أوجه أحدها أنه اسم مفرد بمعنى الصنم المنصوب للعبادة ، وثانيها أنه جمع نصاب ككتب في كتاب ، وثالثها أنه جمع نصب كرهن في رهن ، وسقف في سقف ، وجمع الجمع أنصاب ، وقرئ بفتحتين ففعل بمعنى مفعول أي منصوب كالقبض ، وقرئ بضم فسكون وهي تخفيف من الثانية .

وقال النحاس : نصب ونصب بمعنى واحد قيل معنى إلى نصب ، إلى غاية وهي التي تنصب إليها بصرك ، وقال الكلبي : إلى شيء منصوب كعلم أو راية أي كأنهم إلى علم يدعون إليه أو راية تنصب لهم يوفضون ، قال الحسن : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أولهم على أخرهم .

قيل معنى يفوضون يسرعون إسراع من ضل عن الطرق إلى أعلامها ، والإيفاض الإسراع يقال أوفض إيفاضا أي أسرع إسراعا ، وفي القاموس : وفض يفض وفضا بالسكون وبالتحريك عدا وأسرع كأوفض واستوفض ، والأوفاض الفرق من الناس والأخلاط والجماعة من قبائل شتى كأصحاب الصفة ، قال ابن عباس في الآية إلى علم يستبقون ، وقيل يسعون وقيل ينطلقون والمعاني متقاربة .