الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (25)

أخرج أبو نعيم والدمياطي في معجمه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما { والله يدعوا إلى دار السلام } يقول يدعو إلى عمل الجنة ، والله السلام والجنة داره .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله { ويهدي من يشاء } قال : يهديهم للمخرج من الشبهات والفتن والضلالات .

وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما من يوم طلعت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، ولا آبت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، وأعط ممسكاً تلفاً . فأنزل الله في ذلك كله قرآناً في قول الملكين : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم { والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } وأنزل في قولهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، وأعط ممسكاً تلفاً { والليل إذا يغشى ، والنهار إذا تجلى } [ الليل : 1 - 2 ] إلى قوله { للعسرى } [ الليل : 10 ] » .

وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه . سمعت أبا جعفر محمد بن علي رضي الله عنه وتلا { والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } فقال : « حدثني جابر رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال » إني رأيت في المنام كان جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه : ضرب له مثلاً فقال : اسمع سمعت أذناك ، واعقل عقل قلبك ، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ داراً ، ثم بنى فيها بيتاً ، ثم جعل فيها مأدبة ، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه ، فمنهم من أجاب الرسول ومنهم فيها مأدبة ، فالله هو الملك ، والدار الإِسلام ، والبيت الجنة وأنت يا محمد رسول ، فمن أجابك دخل الإِسلام ، ومن دخل الإِسلام دخل الجنة ، ومن دخل الجنة أكل منها .

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال « استتبعني النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى أتينا موضعاً لا ندري ما هو ؟ فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجري ، ثم إن نفراً أتوا عليهم ثياب بيض طوال وقد أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عبد الله رضي الله عنه : فأرعبت منهم . فقالوا : لقد أعطى هذا العبد خيراً إن عينه نائمة والقلب يقظان ، ثم قال بعضهم لبعض : اضربوا له ونَتَأوَّلَ نحن أو نضرب نحن وتَتَأَوَّلون أنتم . فقال بعضهم : مثله كمثل سيد اتخذ مأدبة ، ثم ابتنى بيتاً حصيناً ، ثم أرسل إلى الناس فمن لم يأت طعامه عذبه عذاباً شديداً . قال الآخرون : أما السيد فهو رب العالمين ، وأما البنيان فهو الإِسلام ، والطعام الجنة ، وهذا الداعي فمن اتبعه كان في الجنة ومن لم يتبعه عذب عذاباً أليماً ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ فقال : ما رأيت يا ابن أم عبد ؟ فقلت : رأيت كذا وكذا ! فقال : أُخفِيَ علي مما قالوا شيء ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم نفر من الملائكة » .

وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن سيداً بنى داراً واتخذ مأدبة وبعث داعياً ، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ، ألا وإن السيد الله ، والدار الإِسلام ، والمأدبة الجنة ، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ما من ليلة إلا ينادي منادياً يا صاحب الخير هلم ويا صاحب الشر اقصر . فقال رجل للحسن رضي الله عنه : أتجدها في كتاب الله ؟ قال : نعم { والله يدعوا إلى دار السلام } قال : ذكر لنا أن في التوراة مكتوباً : يا باغي الخير هلم ، ويا باغي الشر انته .

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه . أنه كان إذا قرأ { والله يدعوا إلى دار السلام } قال : لبيك ربنا وسعديك .