بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (25)

قوله تعالى : { والله يَدْعُو إلى دَارِ السلام } ، يعني : يدعو إلى عمل الجنة ، { وَيَهْدِى مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، وهو الدين القيم ، ويقال : إن عطاءه على قسمين خاص وعام ، فأما العطاء الخاص فالتوفيق والعصمة واليقين ، وأما العطاء العام فالصحة والنعمة والأمن . والدعوة هنا عامة والهداية خاصة ، فقد دعا جميع الناس بقوله : { والله يَدْعُو إلى دَارِ السلام } ثم قال : { وَيَهْدِى مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } فجعل الهداية خاصة لأنها فضله وفضل الله يؤتيه من يشاء . وقال قتادة : { والله يَدْعُو إلى دَارِ السلام } والله هو السلام وداره الجنة . ويقال : السلام هو السلامة . وإنما سميت الجنة دار السلام ، لأنها سالمة من الآفات والأمراض وغير ذلك .

روى أبو أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « نَاَمَتْ عَيْنِي وَعَقَلَ قَلْبِي وَسَمِعَتْ أُذُنِي ، ثُمَّ قِيلَ لِي : إِنَّ سَيِّداً بَنَى دَاراً وَصَنَعَ مَائِدَةً وَأَرْسَلَ دَاعِياً ، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ المَائِدَةِ وَرَضِيَ عَنْهُ السَّيِّدُ ، ومن لم يجب الداعي ، لم يدخل الدار ، ولم يأكل من المأدبة ولم يرض عنه السيد » فالله تعالى هو السيد ، والدار الإسلام ، والمائدة الجنة ، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم { وَيَهْدِى مَن يَشَاء } يكرم من يشاء بالمعرفة من كان أهلاً لذلك { إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } إلى دين الإسلام .