غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (25)

21

ثم لما نفر المكلفين عن الميل إلى الدنيا بالمثل السابق رغبهم في الآخرة بقوله : { والله يدعوا إلى دار السلام } ومثله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «سيد بنى داراً وصنع مائدة وأرسل داعياً فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل ورضي عنه السيد ، ومن لم يجب لم يدخل ولم يأكل ولم يرض عنه السيد ، فالله السيد والدار دار السلام والمائدة الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم » وعنه صلى الله عليه وسلم : «ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وبجنبيها ملكان يناديان بحيث يسمع كل الخلائق إلا الثلقين أيها الناس هلموا إلى ربكم والله يدعو إلى دار السلام » واتفقوا على أن دار السلام هي الجنة واختلفوا في سبب التسمية . فقيل : لأن السلام هو الله والجنة داره فالإضافة للتشريف ، وإنما أطلق اسم السلام عليه تعالى لأنه سلم من الفناء والتغير ومن جميع سمات النقص والحدوث ومن الظلم والعجز والجهل وهو القادر على تخليص المضطرين عن المكاره والآفات ، وكفى بدار أضافها الله تعالى لنفسه فضلاً وشرفاً وبهجة وسروراً . وقيل : سميت دار السلام لأن من دخلها سلم من الآفات والمخافات . وقيل : لفشوّ السلام بينهم { تحيتهم فيها سلام } [ يونس : 10 ] { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } [ الرعد : 24 ] { سلام قولاً من رب رحيم } [ يس : 58 ] واعلم أن الدعوة عامة ولكن الهداية خاصة فلذلك قال { ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } ومن هنا ذهب أهل السنة إلى أن الهداية والضلالة والخير والشر كلها بمشيئة الله تعالى وإرادته . وقالت المعتزلة : المراد ويهدي من يشاء إلى إجابة تلك الدعوة ويعنون أن من أجاب الدعاء وأطاع واتقى فإن الله يهديه إليها . والمراد من الهداية الألطاف .

/خ30