فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (25)

قوله : { والله يَدْعُو إلى دَارِ السلام } لما نفر عباده عن الميل إلى الدنيا بما ضربه لهم من المثل السابق ، رغبهم في الدار الآخرة بإخبارهم بهذه الدعوة منه عزّ وجلّ إلى دار السلام ، قال الحسن وقتادة : السلام هو : الله تعالى ، وداره الجنة . وقال الزجاج : المعنى والله يدعو إلى دار السلامة . ومعنى السلام والسلامة واحد كالرضاع والرضاعة . ومنه قول الشاعر :

تحيي بالسلامة أمّ بكر *** وهل لك بعد قومك من سلام

وقيل : أراد دار السلام الذي هو : التحية ؛ لأن أهلها ينالون من الله السلام بمعنى : التحية ، كما في قوله : { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سلام } . وقيل : السلام اسم لأحد الجنان السبع : أحدها : دار السلام ، والثانية : دار الجلال ، والثالثة : جنة عدن ، والرابعة : جنة المأوى ، والخامسة : جنة الخلد ، والسادسة : جنة الفردوس ، والسابعة : جنة النعيم . وقيل المراد : دار السلام الواقع من المؤمنين بعضهم على بعض في الجنة ، وقد اتفقوا على أن دار السلام هي الجنة ، وإنما اختلفوا في سبب التسمية بدار السلام { وَيَهْدِى مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } جعل سبحانه الدعوة إلى دار السلام عامة ، والهداية خاصة بمن يشاء أن يهديه ، تكميلاً للحجة وإظهاراً للاستغناء عن خلقه .

/خ30