ولما نفّر تعالى الغافلين عن الميل إلى الدنيا بالمثل السابق رغبّهم في الآخرة بقوله تعالى : { والله يدعو } أي : يعلق دعاءه على سبيل التجدّد والاستمرار بالمدعوين { إلى دار السلام } . قال قتادة : السلام هو الله ، وداره الجنة ، وسمي سبحانه وتعالى بالسلام ؛ لأنه واجب الوجود لذاته ، فقد سلم من الفناء والتغير ، وسلم من احتياجه في ذاته وصفاته ، ومن الافتقار إلى الغير ، وهذه الصفة ليست إلا له سبحانه كما قال تعالى : { والله الغني وأنتم الفقراء } [ محمد ، 38 ] وقال تعالى : { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } [ فاطر ، 15 ] . وقيل : السلام بمعنى السلامة . وقيل : المراد بالسلام الجنة ، سميت الجنة دار السلام ؛ لأنّ أهلها يحيِّي بعضهم بعضاً بالسلام ، والملائكة تسلم عليهم . قال الله تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم } [ الرعد ، 32 ، 24 ] ومن كمال رحمته وجوده وكرمه على عباده أن دعاهم إلى الجنة التي هي دار السلام ، وفيه دليل على أنّ فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ؛ لأنّ العظيم لا يدعو إلا إلى عظيم ، ولا يصف إلا عظيماً . وقد وصف الله تعالى الجنة في آيات كثيرة من كتابه . وعن جابر قال : جاءت ملائكة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقالوا : إنّ صاحبكم هذا مثله كمثل رجل بنى داراً ، وجعل فيها مائدة ، وبعث داعياً فمن أجب الداعي دخل الدار ، وأكل من المائدة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ، ولم يأكل من المائدة ، والدار الجنة ، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم { و } الله { يهدي من يشاء } من عباده بما يخلق في قلبه من الهداية { إلى صراط مستقيم } وهو دين الإسلام ، عمّ سبحانه وتعالى بالدعوة أوّلا إظهاراً للحجة ، وخص بالهداية ثانياً إظهاراً للقدرة ؛ لأنَّ الحكم له في خلقه . وقال الجنيد : الدعوة عامة ، والهداية خاصة ، بل الهداية عامة والصحبة خاصة ، بل الصحبة عامة والاتصال خاص . وقيل : يدعو بالآيات ، ويهدي للحقائق والمعارف . وقيل : الدعوة لله والهداية من الله . وقال بعضهم : لا تنفع الدعوة لمن لم يسبق له من الله الهداية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.