وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ) اختلف فيه : قيل : الجنة هي[ في الأصل وم : و ] السلام ، الله أضافها إلى نفسه كقوله : ( وأن المساجد لله )[ الجن : 18 ] فأضاف الجنة إلى السلام ، إن كانت دار السلام هي الجنة ؛ فهو ، والله أعلم ، لأن المساجد هي أمكنة فيها القرب ، والجنة هي مكان اللذة وقضاء الشهوة ، وأضافها[ في الأصل وم : فأضافها ] إلى السلام لما يسلم أهلها من جميع الآفات والمساجد خصت بالإضافة إلى الله لأنها أمكنة تقام فيها القرب .
وقال بعضهم : دار السلام الإسلام . ثم يحتمل كل واحد من التأويلين [ وجوها :
أحدهما ][ في الأصل وم : وجهين ] : بما سمى الإسلام دار السلام [ سمى الجنة ][ في الأصل وم : والجنة كذلك سمى الإسلام ] دار السلام لأنه يأمن ، ويسلم كل من دخل فيه [ أمن ][ ساقطة من الأصل وم ] من جميع الأهوال كلها والآفات جميعا .
والثاني : [ بما ][ ساقطة من الأصل وم ] سمى الإسلام دار السلام أضافه[ الهاء ساقطة من الأصل وم ] إلى نفسه كقوله : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام ] الآية[ الزمر : 22 ] أخبر أنه ( على نور من ربه )[ الزمر : 22 ] فعلى ذلك إضافة الإسلام لأن كل من دخل الجنة سلم ، وأمن من الأهوال كلها والآفات جميعا .
والثالث[ في الأصل وم : والثاني ] : دار الجنة والسلام [ لله ؛ أضافها ][ في الأصل وم : الله أضاف ] إليه لأنها دار أوليائه ، وقد تضاف إلى الله على إرادة أوليائه ، والله أعلم .
وروي في بعض الأخبار عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «قيل لي لتنم عينك وليعقل قلبك ، ولتسمع أذنك ، فنامت عيني ، وعقل قلبي ، وسمعت أذني ، ثم قيل لي : سيدٌ بنى دارا ، وجعل مائدة ، وأرسل داعيا ، فمن أجاب الداعي دخل الدار ، وأكل من المائدة ، ورضي عن السيد ، ومن لم يجب لم يدخل الدار ، ولم يأكل من المائدة ، ولم يرض عنه السيد »[ الدارمي11 ] فالله السيد ، والدار الإسلام ، والمائدة الجنة ، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم .
إن ثبت هذا الخبر فيه أن الدار الإسلام على ما قاله بعض أهل التأويل في خبر آخر عن جابر بن عبد الله : قال : «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي ، قال أحدهما لصاحبه : اضرب له مثلا ، فقال : اسمع سمعت أذنك ، واعقل عقل قلبك ؛ إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملِكٍ اتخذ دارا ، ثم بنى فيها بنيانا ، فأتمه ، ثم جعل فيها مائدة ، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه ، فمنهم من أجاب الرسول ، ومنهم من تركه فالله الملك ، والدار الإسلام ، والبيت الجنة ، وأنت يا محمد الرسول من أجابك دخل الإسلام ، ومن دخل الإسلام دخل الجنة ، ومن دخل الجنة أكل ما فيها »[ الترمذي : 2860 ] يدل أيضا إن ثبت أن الدار التي ذكر في الآية هو الإسلام ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ) الآية ذكر الاستثناء في الهداية ، ولم يذكر في الدعاء ليعلم أن لا كل من يدعو إلى دار السلام يهديه ، وإنما يهدي[ في الأصل وم : يهديه ] من يعلم منه أنه يختار الهدى . وذلك على القدرية .
أحدها : الدعاء كقوله : ( ولكل قوم هاد )[ الرعد : 7 ] والثاني : هو البيان كقوله : ( هدى ورحمة )[ الأعراف : 52 ] يعني القرآن . والثالث : التوفيق والعصمة ؛ إذا وفق اهتدى ، والهدى ههنا التوفيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.