الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} (30)

أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : « مر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة ، فنظر إلى امرأة ونظرت إليه ، فوسوس لهما الشيطان : إنه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا إعجابا به ، فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط ينظر إليها ، إذ استقبله الحائط فشق أنفه فقال : والله لا أغسل الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعلمه أمري ، فأتاه فقص عليه قصته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هذا عقوبة ذنبك " وأنزل الله { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم . . . } الآية » .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم . . . } الآية أي عما لا يحل لهم { ويحفظوا فروجهم } أي عما لا يحل لهم .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } قال من شهواتهم عما يكره الله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } يعني أبصارهم ، فمن هنا صلة في الكلام . يعني يحفظوا أبصارهم عما لا يحل لهم النظر إليه ، ويحفظوا فروجهم عن الفواحش { ذلك أزكى لهم } يعني غض البصر ، وحفظ الفرج .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كل آية يذكر فيها حفظ الفرج ، فهو من الزنا إلا هذه الآية في النور { ويحفظوا فروجهم } { ويحفظن فروجهن } فهو أن يراها .

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك ، أو ما ملكت يمينك قلت : يا نبي الله إذا كان القوم بعضهم في بعض قال : إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها قلت : إذا كان أحدنا خالياً قال : الله أحق أن يستحي منه من الناس .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن العلاء بن زياد قال : كان يقال لا تتبعن بصرك حسن رداء امرأة ، فإن النظر يجعل شبقاً في القلب .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الشيطان من الرجل على ثلاثة منازل : على عينيه ، وقلبه ، وذكره ، وهو من المرأة على ثلاثة : على عينها ، وقلبها ، وعجزها .

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن جرير البجلي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري .

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والبيهقي في سننه عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي

« لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة » .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه من حديث علي مثله .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم « قال لا تجلسوا في المجالس ، فإن كنتم لا بد فاعلين ، فردوا السلام ، وغضوا الأبصار ، واهدوا السبيل ، وأعينوا على الحمولة » .

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إياكم والجلوس على الطرقات قالوا : يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا . نتحدث فيها فقال : إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر » .

وأخرج أبو القاسم البغوي في معجمه والطبراني عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة . إذا حدث أحدكم فلا يكذب ، وإذا ائتمن فلا يخن ، وإذا وعد فلا يخلف ، غضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم ، واحفظوا فروجكم » .

وأخرج أحمد والحكيم في نوادر الأصول والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما من مسلم ينظر إلى امرأة أول رمقة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه » .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة . فزنا العين النظر ، وزنا اللسان المنطق ، وزنا الأذنين الاستماع ، وزنا اليدين البطش ، وزنا الرجلين الخطو ، والنفس تمني وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه » .

وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ، فمن تركها من خوف الله أثابه إِيماناً يجد حلاوته في قلبه » .

وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عيناً غضت عن محارم الله ، وعيناً سهرت في سبيل الله ، وعيناً خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله » .