الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا} (12)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال المنافقون يوم الأحزاب حين رأوا الأحزاب قد اكتنفوهم من كل جانب ، فكانوا في شك وريبة من أمر الله قالوا : إن محمداً كان يعدنا فتح فارس والروم ، وقد حصرنا ههنا حتى ما يستطيع يبرز أحدنا لحاجته . فأنزل الله { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ، واجتمعت قريش ، وكنانة ، وغطفان ، فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش ، فاقبلوا حتى نزلوا بفنائه ، فنزلت قريش أسفل الوادي ، ونزلت غطفان عن يمين ذلك ، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك ، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما نزلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم تحصن بالمدينة ، وحفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق ، فبينما هو يضرب فيه بمعوله إذ وقع المعول في صفا ، فطارت منه كهيئة الشهاب من النار في السماء ، وضرب الثاني فخرج مثل ذلك ، فرأى ذلك سلمان رضي الله عنه فقال : يا رسول الله قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب ، فسطع إلى السماء فقال : لقد رأيت ذلك ؟ فقال : نعم يا رسول الله قال : تفتح لكم أبواب المدائن ، وقصور الروم ، ومدائن اليمن ، ففشا ذلك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فتحدثوا به ، فقال رجل من الأنصار يدعى قشير بن معتب : أيعدنا محمد صلى الله عليه و سلم أن يفتح لنا مدائن اليمن ، وبيض المدائن ، وقصور الروم وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل ، هذا والله الغرور . فأنزل الله تعالى في هذا { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً } .