البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا} (12)

{ وإذ يقول المنافقون } : وهم المظهرون للإيمان المبطنون الكفر .

{ والذين في قلوبهم مرض } : هم ضعفاء الإيمان الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم ، فهم على حرف ، والعطف دال على التغاير ، نبه عليهم على جهة الذم .

لما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصخرة ، وبرقت تلك البوارق ، وبشر بفتح فارس والروم واليمن والحبشة ، قال معتب بن قشير : يعدنا محمد أن نفتح كنوز كسرى وقيصر ومكة ، ونحن لا يقدر أحدنا أن يذهب إلى الغائط ، ما يعدنا إلا غروراً : أي أمراً يغرنا ويوقعنا فيما لا طاقة لنا به .

وقال غيره من المنافقين نحو ذلك .

وقولهم : { ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً } ، هو على سبيل الهزء ، إذ لو اعتقدوا أنه رسول حقيقة ما قالوا هذه المقالة ، فالمعنى : ورسوله على زعمكم وزعمه ، وفي معتب ونظرائه نزلت هذه الآية .