الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحزاب

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة الأحزاب بالمدينة .

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير ، مثله .

وأخرج عبد الرزاق في المصنف والطيالسي وسعيد بن منصور وعبد الله ابن أحمد في زوائد المسند وابن منيع والنسائي وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والدارقطاني في الإفراد والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن زر قال : قال لي بن كعب : كيف تقرأ سورة الأحزاب أو كم تعدها ؟ قلت : ثلاثا وسبعين آية فقال أبي : قد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة ، وأكثر من سورة البقرة ، ولقد قرأنا فيها " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم " فرفع منها ما رفع .

وأخرج عبد الرزاق عن الثوري قال : بلغنا أن أناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرأون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة ، فذهب حروف من القرآن .

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى أن الصلاة جامعة ، ثم صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ، يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم فإنها آية نزلت في كتاب الله ، وقرأناها ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد ، وآية ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رجم ، وأن أبا بكر قد رجم ، ورجمت بعدها ، وإنه سيجيء قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم .

وأخرج مالك والبخاري ومسلم وابن الضريس عن ابن عباس أن عمر قام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد أيها الناس إن الله بعث محمدا بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ، فقرأناها ووعيناها " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجمنا بعده ، فأخشى أن يطول بالناس زمان ، فيقول قائل : لا نجد آية الرجم في كتاب الله . . . ! فيضلوا بترك فضيلة أنزلها الله .

وأخرج أحمد والنسائي عن عبد الرحمن بن عوف أن عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته يقول : ألا وأن ناسا يقولون : ما بال الرجم . . . !وفي كتاب الله الجلد ، وقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجمنا بعده ولولا أن يقول قائلون ، ويتكلم متكلمون : أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتنا كما نزلت .

وأخرج النسائي وأبو يعلى عن كثير بن الصلت قال : كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت فقال زيد : ما تقرأ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) قال مروان : إلا كتبتها في المصحف ؟ قال : ذكرنا ذلك وفينا عمر بن الخطاب فقال : اشفيكم من ذلك ؟ قلنا : فكيف ؟ قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله انبئني آية الرجم قال : لا أستطيع الآن .

وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال : قال لي عمر بن الخطاب : كم تعدون سورة الأحزاب ؟ قلت : اثنين أو ثلاثا وسبعين قال : إن كانت لتقارب سورة البقرة ، وإن كان فيها لآية الرجم .

وأخرج ابن الضريس عن عكرمة قال : كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول ، وكان فيها آية الرجم .

وأخرج بن سعد عن سعيد بن المسيب أن عمر قال : إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم ، وأن يقول قائل : لا نجد حدين في كتاب الله ، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجمنا بعده فلولا أن يقول الناس : أحدث عمر في كتاب الله لكتبتها في المصحف ، لقد قرأناها ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) قال سعيد : فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن .

وأخرج ابن الضريس عن أبي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن خالته أخبرته قالت : لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة )

وأخرج ابن الضريس عن عمر قال " قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية الرجم : اكتمها يا رسول الله قال : لا أستطيع ذلك "

وأخرج ابن الضريس عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب خطب الناس ، فقال : لا تشكوا في الرجم ، فإنه حق قد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ، ورجمت ، ولقد هممت أن أكتب في المصحف ، فسأل أبي بن كعب عن آية الرجم ، فقال أبي : ألست أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدفعت في صدري وقلت : أتستقرئه آية الرجم ، وهم يتسافدون تسافد الحمر .

وأخرج البخاري في تاريخ عن حذيفة قال : قرأت سورة الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها .

وأخرج أبو عبيد في الفضائل وابن الأنباري وابن مردويه عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن .

أخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن أهل مكة منهم الوليد بن المغيرة ، وشيبة بن ربيعة ، دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم ، وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة إن لم يرجع قتلوه ، فأنزل الله { يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين } .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج { ولا تطع الكافرين } أبي بن خلف { والمنافقين } أبو عامر الراهب ، وعبد الله بن أُبي بن سلول ، والجد بن قيس .